الشّعبى، وتابعه على «شهادة ألله» السّلمى ويحيى وإبراهيم وسعيد بن جبير ويحيى بن يعمر والحسن والكلبى.
قال أبو الفتح: أما «شهادة» فهى أعم من قراءة الجماعة: «شهادة الله» بالإضافة، غير أنها بالإضافة أفخم وأشرف وأحرى بترك كتمانها لإضافتها إلى الله سبحانه، وأما ألله مقصورة بالجر فحكاها سيبويه: أن منهم من يحذف حرف القسم ولا يعوض منه همزة الاستفهام، فيقول: ألله لقد كان كذا، قال: وذلك لكثرة الاستعمال.
وأما «آلله» بالمد فعلى أن همزة الاستفهام صارت عوضا من حرف القسم، ألا تراك لا تجمع بينهما فتقول: أو الله لأفعلن؟.
وأما سكون هاء «شهادة»، فللوقف عليها ثم استؤنف القسم، وهو وجه حسن؛ وذلك ليستأنف القسم فى أول الكلام فيكون أوقر له وأشدّ هيبة من أن يدرج فى عرض القول؛ وذلك أن القسم ضرب من الخبر يذكر ليؤكّد به خبر آخر فلما كان موضع توكيد مكّن من صدر الكلام، وأعطى صورة الإعلاء والإعظام.
ويزيد فى وضوح هذا المعنى وبيانه أنه لما نون شهادة فأدرج وقّر الهمزة عن حذفها كما يجب فيها من حيث كانت همزة وصل، فأقرها مقطوعة كما تقطع مبتدأة، فقد جمع فى هذه القراءة بين حالى الوصل والوقف.
أما الوصل فلتنوين شهادة، وأما الوقف فلإثباته همزة الوصل التى إنما تقطع إذا وقف على ما قبلها ثم استؤنفت، والعناية بقطعها واستئنافها ما قدمت ذكره لك من تمكن حال القسم بتوفية اللفظ جميع وجوهها، وقطع ليكون فى حال إدراجها فى لفظ المبدوء بها لا الآتية مأتى النّيّف الذى لم يوفّ من صدر الكلام ما يجب لها، فافهمه.
ويؤكد عندك شدة الاهتمام بهذا القسم لما فيه-مجيئه وحرف الاستفهام قبله، فكأنه-والله أعلم-قال: أنقسم بالله إنّا إذا لمن الظالمين، ففى هذا تهيب منهم للموضع، وتكعكع عن القسم عليه باستحقاق الظلم عنه، كأنه يريد القسم بالله عليه كما أقسم فى الأخرى بلا استفهام، ثم إنه هاب ذلك فأخذ يشاور فى ذلك كالقائل:
أؤقدم على هذه اليمين يا فلان أم أتوقف عنها إعظاما لها ولارتكاب ما أقسم عليه بها؟.