للطّهور، كقولك: كسوته الثوب الذى لدفع البرد، ودفعت إليه المال الذى للجهاد، واشتريت الغلام الذى للقتال.
ألا ترى أن تقديره وينزّل عليكم من السماء الماء الذى لأن يطهّركم به، أى الماء الذى لطهارتكم أو لتطهيركم به. وهذه اللام فى قراءة الجماعة:{ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} هى لام المفعول له، كقوله: زرتك لتكرمنى، وهى متعلقة بزرتك، ولا ضمير فيها لتعلقها بالظاهر.
فهى كقوله تعالى:{إِنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ}، فهى كما ترى متعلقة بنفس «فَتَحْنا» تعلق حرف الجر بالفعل قبله.
وأما اللام فى قراءة من قرأ:«ما ليطهّركم به»، أى الذى للطهارة به، فمتعلقة بمحذوف، كقولك: دفعت إليه المال الذى له، أى استقر أو ثبت له، وفيها ضمير لتعلقها بالمحذوف.
وأما لام المفعول له فلا تكون إلا متعلقة بالظاهر نحو زرته ليكرمنى وأعطيته ليشكرنى، أو بظاهر يقوم مقام الفعل كقولك: المال لزيد لينتفع به، فاللام فى «لزيد» متعلقة بمحذوف على ما مضى، والتى فى قولك: لينتفع به هى لام المفعول له، وهى متعلقة بنفس قولك: لزيد تعلقها بالظرف النائب عن المحذوف فى نحو قولك: أزيد عندك لتنتفع بحضوره؟ وزيد بين يديك ليؤنسك.
فاللام هنا متعلقة بنفس الظرفين اللذين هما عندك وبين يديك.
وعلى كل حال فمعنى القراءة:{ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}، والقراءة بقوله:«ما ليطهّركم به»، يرجعان إلى شئ واحد، إلا أن أشدّهما إفصاحا بأن الماء أنزل للتطهر به هى قراءة من قرأ:{ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}؛ لأن فيه تصريحا بأن الماء أنزل للطهارة، وتلك القراءة الشاذة إنما يعلم أنه أنزل للطهارة به، فالقراءة الأخرى وبغيرها-مما فيه إصراح بذلك.
وعلى كل حال فلام المفعول له لا تتعلق بمحذوف أبدا، إنما تعلّقها بالظاهر، فعلا كان أو غيره مما يقام مقامه.