تتقدم القراءة بذلك، لكنه لموافقته صاحبه فى المعنى. وهذا موضع يجد الطاعن به إذا كان هكذا على القراءة مطعنا، فيقول: ليست هذه الحروف كلها عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولو كانت عنه لما ساغ إبدال لفظ مكان لفظ إذ لم يثبت التخيير فى ذلك عنه، ولما أنكر أيضا عليه:«يجمزون»، إلا أن حسن الظن بأنس يدعو إلى اعتقاد تقدّم القراءة بهذه الأحرف الثلاثة التى هى «يجمحون» و «يجمزون» و «يشتدون»، فيقول: اقرأ بأيها شئت، فجميعها قراءة مسموعة عن النبى صلى الله عليه وسلم؛ لقوله عليه السلام:«نزل القرآن بسبعة أحرف كلها شاف كاف».
فإن قيل: لو كانت هذه الأحرف مقروءا بجميعها لكان النقل بذلك قد وصل إلينا، قيل: أو لا يكفيك أنس موصّلا لها إلينا؟ فإن قيل: إن أنسا لم يحكها قراءة وإنما جمع بينها فى المعنى، واعتل فى جواز القراءة بذلك لا بأنه رواها قراءة متقدمة، قيل: قد سبق من ذكر حسن الظن ما هو جواب عن هذا.
ونحو من هذه الحكاية ما يروى عن أبى مهدية من أنه كان إذا أراد الأذان قال: الله أكبر مرتين، أشهد أن لا إله إلا الله مرتين كذلك إلى آخر الأذان، ينطق من ذلك بالمرة الواحدة، ويقول فى إثرها: مرتين كما ترى، فيقال له: ليس هكذا الأذان، إنما هو كذا، فيقول: المعنى واحد، وقد علمتم أن التكرار عىّ. وهذا لعمرى مسموع من أبى مهدية إلا أنه كان مدخولا. ألا ترى أن أبا محمد يحيى بن المبارك اليزيدى وخلفا