للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ} (١١)

ومن ذلك قراءة عبيد الله بن زياد (١): «له معاقيب من بين يديه» (٢).

قال أبو الفتح: ينبغى أن يكون هذا تكسير معقّب أو معقّبة، إلا أنه لما حذف إحدى القافين عوض منها الياء، فقال: «معاقيب»، كما تقول فى تكسير مقدّم: مقاديم، ويجوز ألا تعوض فتقول: معاقب كمقادم.

***

{يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ} (١١)

ومن ذلك قراءة علىّ بن أبى طالب وابن عباس رضى الله عنهما وعكرمة وزيد ابن على وجعفر بن محمد: «يحفظونه بأمر الله» (٣).

قال أبو الفتح: المفعول هنا محذوف، أى يحفظونه مما يحاذره بأمر الله. وأما قراءة الجماعة: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ} فليس معناه أنهم يحفظونه من أمر الله أن ينزل به، لكن تقديره له معقّبات من أمر الله يحفظونه مما يخافه، ف‍ «من» على هذا مرفوعة الموضع لأنها صفة للمرفوع الذى هو «معقبات»، ولو كانت-كما يظن-أنهم يحفظونه من أمر الله أن ينزل به لكانت منصوبة الموضع، كقولك: حفظت زيدا من الأسد، فقولك: من الأسد منصوب الموضع لأنه مفعول حفظت.

والذى ذكرناه فى هذا رأى أبى الحسن، وما أحسنه! فإن قلت: فهلا كان تقديره: يحفظونه من أمر الله، أى بأمر الله، ويستدل على إرادة الباء هنا بقراءة على عليه السلام: «يحفظونه بأمر الله». وجاز أن يحفظوه بأمر الله لأن هذه المصائب كلها فى علم الله وبإقداره فاعليها عليها، فيكون هذا كقول القائل: هربت من قضاء الله بقضاء الله -قيل: تأويل أبى الحسن أذهب فى الاعتداد عليهم، وذلك أنه سبحانه وكّل بهم من


(١) فى مختصر شواذ القراءات ٦٦: زياد بن أبى سفيان.
(٢) وقراءة أبى البرهسم. انظر: (القرطبى ٢٩١/ ٩، الكشاف ٣٥٢/ ٢، البحر المحيط ٣٧٢/ ٥، مجمع البيان ٢٧٩/ ٦، وفى الآلوسى ١١٢/ ١٣: قرأ أبى، وإبراهيم «معاقيب» وأبو البرهسم «كسفرجل»).
(٣) وقراءة أبى البرهسم. انظر: (مجمع البيان ٢٧٩/ ٦، الكشاف ٣٥٢/ ٢، البحر المحيط ٣٧٢/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>