للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قنط يقنط، ومثله من فعل يفعل: ركن يركن، وأبى يأبى، وغسا (١) الليل يغسا، وجبا (٢) يجبا، وقالوا: عضضت تعضّ. قال ابن يحيى: قد قالوا فى «شممت» وصببت ونحوه بفتح الثانى هربا من الكسر مع التضعيف.

***

{يَنْحِتُونَ} (٨٢)

ومن ذلك قراءة الحسن «ينحتون»؛ بفتح الحاء. (٣)

قال أبو الفتح: أجود اللغتين نحت ينحت، بكسر الحاء، وفتحها لأجل حرف الحلق الذى فيها، كسحر يسحر. وينبغى أن ينظر إلى ما أورده ليكون إلى نحوه طريقا وسلّما. أعلم أن العرب تقارب بين الألفاظ والمعانى إذ كانت عليها أدلة، وبها محيطة. فمن ذلك ما نحن عليه، وهو نحت ينحت، والتاء أخت الطاء، وقد قالوا: نحط ينحط، إذا زفر فى بكائه، فكأن ذلك الضغط الذى يصحب الصوت ينال من آلة النفس، ويحنّها ويسفنها (٤)؛ فيكون كالنحت لما ينحت؛ لأنه تحيّف له وأخذ منه.

ونحو من ذلك قولهم فى تركيب «ع ص ر»: «ع س ر»: «ع ز ر». فالعصر شدة تلحق المعصور.

والعسر شدة الخلق والتعزير للضرب، وذلك شدة لا محالة؛ فالشدة جامعة للأحرف الثلاثة ومنه تركيب «ج ب ر»، «ج ب ل»، «ج ب ن»، المعنى الجامع لها اجتماع الأجزاء وتراجعها. من ذلك جبرت العظم؛ أى: وصلت ما تفرّق من أجزائه، ومنه الجبل لاجتماع أجزائه، ومنه جبن الإنسان؛ أى: تراجع بعضه إلى بعض واجتمع. وإنما نبذت هنا طرفا من هذا الأمر تنبيها على أمثاله، حتى إذا هى اجتازت بك أحسست بها، ولم تطوك غير حافل بمعانيها وأوضاعها.

***


(١) غسا الليل غسوّا: أقبل بظلامه. انظر: المعجم الوسيط «غسا».
(٢) جبا الخراج والمال جبؤا وجباؤه: جمعه، وجبا الماء: جمعه فى الحوض. انظر: المعجم الوسيط «جبا».
(٣) وقراءة الحسن. انظر: (الإتحاف ٢٧٦، البحر المحيط ٤٦٤/ ٥، النحاس ٢٠٢/ ٢).
(٤) سفن الشئ سفنا: قشره.

<<  <  ج: ص:  >  >>