للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو الفتح: أمّا «يوجّه»، بكسر الجيم فعلى حذف المفعول؛ أى أينما يوجّه وجهه؛ فحذف للعلم به. وأما «يوجّه»، بفتح الجيم، أى أينما يرسل أو يبعث لا يأت بخير.

***

{بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ} (١٠٣)

ومن ذلك قراءة الحسن: «بشر اللّسان الذى يلحدون إليه»، بألف ولام (١).

قال أبو الفتح: ليس قوله: اللسان الذين يلحدون إليه أعجمىّ جملة فى موضع صفة «بشر»، ألا تراها خالية من ضميره؟ وكذلك أيضا هى خالية منه فى قراءة الجماعة: {بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ؛} ولأن المعنى أيضا ليس على كونها وصفا، وإنما الوقف على قوله: «بشر»، ثم استأنف الله تعالى القول ردّا عليهم، فقال: {لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ} أى: يميلون بالتهمة إليه أعجمىّ، {وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ؛} أى: فكيف يعلّم الأعجمىّ العربية.

ولهذا قال سبحانه: {أَعْجَمِيٌّ،} ولم يقل: عجمىّ؛ وذلك أن الأعجمى؛ هو الذى لا يفصح وإن كان عربيا، والعجمى هو المنسوب للعجم وإن كان فصيحا، ألا ترى أن سيبويه كان عجميا [فإن كان لسان اللغة العربية فقال الله تعالى] (*): لسان هذا المتهم بأنه يعلّمه أعجم، فكيف يجوز أن يعلّم العربية وهو لا يفصح؟ فأعجمى من أعجم بمنزلة أحمرىّ من أحمر، وأشقرىّ من أشقر، ودوّارىّ من دوّار، وكلاّبىّ من كلاّب. وقد مضى ذلك.

***

{أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ} (١١٦)

ومن ذلك قراءة الأعرج وابن يعمر والحسن-بخلاف-وابن أبى إسحاق وعمرو ونعيم بن ميسرة: «ألسنتكم الكذب» (٢).


(١) انظر: (مختصر شواذ القراءات ٧٤، الكشاف ٤٢٩/ ٢، البحر المحيط ٥٣٦/ ٥، مجمع البيان ٣٨٥/ ٦، العكبرى ٤٧/ ٢، النحاس ٢٢٤/ ٢).
(*) العبارة هنا مضطربة، هكذا فى الأصول.
(٢) وقراءة ابن عبيد، وطلحة. انظر: (القرطبى ١٩٦/ ١٠، مختصر شواذ القراءت ٧٣، الإتحاف ٢٨١، الأخفش ٣٨٦/ ٢ الطبرى ١٢٧/ ١٤، البحر المحيط ٥٤٥/ ٥ القرطبى ١٩٦/ ١٠، الكشاف ٤٣٣/ ٢ مجمع البيان ٣٨٩/ ٦، العكبرى ٤٨/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>