للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ «الكذب» يعقوب (١)، وقرأ «الكذب» (٢) مسلمة بن محارب، وقراءة الناس: {الْكَذِبَ}.

قال أبو الفتح: أما «الكذب» بالجرّ فبدل من «ما» فى قوله: {وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ} أى: لا تقولوا للكذب الذى تصف ألسنتكم.

وأما «الكذب» بالنصب فجمع كذاب، ككتاب وكتب. يقال: كذب الرجل يكذب كذبا وكذابا، وهو رجل كيذبان، وكيذبان، وكذبذب. ويقال أيضا: مكذبان، كملكعان. وجاز جمع الكذاب لأنه ذهب به مذهب النوع، ولو أريد به الجنس لكان جمعه مستحيلا. والكذب وصف الألسنة، وقد تقدم مثله.

***

{وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا} (١٢٦)

ومن ذلك قراءة ابن سيرين: «وإن عقّبتم فعقّبوا» (٣).

قال أبو الفتح: معناه إن تتبعتم فتتبعوا بقدر الحق الذى لكم، ولا تزيدوا عليه. قال لبيد (٤):

حتى تهجّر فى الرّواح وهاجه … طلب المعقّب حقّه المظلوم (٥)

أى هاجه طلبا مثل طلب المعقّب حقه المظلوم؛ أى عاذه ومنعه المظلوم، ف‍ «حقّه»


(١) وقراءة مسلمة بن محارب. انظر: (الكشاف ٤٣٣/ ٢، البحر المحيط ٥٤٥/ ٥، العكبرى ٤٧/ ٢، لسان العرب «كذب»).
(٢) وقراءة معاذ، وابن أبى عبلة. انظر: (القرطبى ١٩٦/ ١٠، الأخفش ٣٨٦/ ٢، الفراء ١٠٧/ ٢، الكشاف ٤٣٣/ ٢، البحر المحيط ٥٤٥/ ٥ العكبرى ٤٨/ ٢، مجمع البيان ٣٨٢/ ٦).
(٣) انظر: (الكشاف ٤٣٥/ ٢، البحر المحيط ٥٤٩/ ٥، العكبرى ٤٨/ ٢).
(٤) من قصيدته التى مطلعها: «طلل لخولة بالرسيس قديم». قيل: إنها من قصائده المبكرة ولما سمعها النابغة قال له: أنت أشعر قيس، أو قال هوازن كلها. انظر: (ديوانه ١٥١).
(٥) انظر: (ديوانه ١٥٥)، يروى: وهاجها. تهجر: عجل الرواح إلى الماء. هاجه: حركه، وإذا قرأت: وهاجها فالضمير يعود إلى الأتن، أى: أن الحمار حركها لطلب الماء طلبا حثيثا، المعقب: صاحب المال يطلب حقه مرة إثر مرة. أراد: طلب المظلوم المعقب حقه، وقد جر المعقب بالإضافة ومحلها الرفع لأنها فاعل المصدر «طلب»، ورفع المظلوم على موضع «المعقب»، ولك أن تعد «طلب» منصوبة على أنها مفعول مطلق، وأن ترفعها على أنها فاعل «هاج».

<<  <  ج: ص:  >  >>