للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمّ جوار ضنؤها غير أمر … صهصلق الصوت بعينيها الصّبر (١)

وقال لبيد (٢):

إن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا … يوما يصيروا للهلك والنّفد

ومن بعد فالأمر من «أم ر»، وهى محادّة للفظ «ع م ر» ومساوقة لمعناها؛ لأن الكثرة أقرب شئ إلى العمارة. وما أكثر وأظهر هذا المذهب فى هذه اللغة! ومن تنبه عليه حظى بأطرف الطريف، وأظرف الظريف.

***

{أُفٍّ} (٢٣)

ومن ذلك قراءة أبى السّمال: «أفّ» مضمومة غير منونة (٣)، وقرأ: «أف» خفيفة-ابن عباس. قال هارون النحوى (٤): ويقرأ: «أف» (٥)، ولو قرئت «أفّا» لكان جائزا، ولكن ليس فى الكتاب ألف.

قال أبو الفتح: فيها ثمانى لغات: أفّ، وأفّ، وأفّ، وأفّا، وأفّ، وأف، وأفى، ممال. وهى التى يقول لها العامة: أفّى، بالياء. وأف خفيفة ساكنة.

وأما «أف» خفيفة مفتوحة فقياسها قياس رب خفيفة مفتوحة، وكان قياسها إذا خففت أن يسكن آخرها؛ لأنه لم يلتق فيها ساكنان فتحرك، لكنهم بقّوا الحركة مع التخفيف أمارة ودلالة على أنها قد كانت مثقلة مفتوحة، كما قال: لا أكلمك حيرى دهر، فأسكن الياء فى موضع النصب فى غير ضرورة شعر؛ لأنه أراد التشديد فى حيرى دهر، فكما أنه لو أدغم الياء الأولى فى الثانية لم تكن إلا ساكنة، فكذلك إذا حذف الثانية تخفيفا أقرّ الأولى على سكونها دلالة وتنبيها على إرادة الإدغام الذى لا بدّ معه من سكون الأولى.


(١) لسان العرب «صهصلق».
(٢) انظر: (ديوانه ١٦٠).
(٣) انظر: (الكشاف ٤٤٤/ ٢، مجمع البيان ٤٠٨/ ٦، البحر المحيط ٢٧/ ٦، الطبرى ٤٨/ ١٥).
(٤) هارون بن موسى الأزدى العتكى بالولاء، أبو عبد الله، الملقب بالأعور: عالم بالقراآت والعربية. من أهل البصرة. كان يهوديا وأسلم وقرأ القرآن وحفظ النحو وحدّث. وكان أول من تتبع وجوه القراآت والشاذ منها. وهو من أهل الحديث روى له البخارى ومسلم. صنف: «الوجوه والنظائر فى القرآن-خ» وكان قدريا معتزليا. انظر: (بغية الوعاة ٤٠٦، وطبقات المعتزلة ١٣٨، والأعلام ٦٣/ ٨).
(٥) انظر: (الكشاف ٤٤٤/ ٢، الطبرى ٤٨/ ١٥، البحر المحيط ٢٧/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>