للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم عاد فعامل اللفظ المفرد بمثله، والأول أجرى على قوانينهم. ألا تراك تقول: من قام وقعدوا إخوتك؟، فيحسن لانصرافه عن اللفظ إلى المعنى، وإذا قلت: من قاموا وقعد إخوتك ضعف لأنك قد انتحيت بالجمع على المعنى وانصرفت عن اللفظ فمعاودة اللفظ بعد الانصراف عنه تراجع وانتكاث، فاعرفه وابن عليه فإنه كثير جدا.

***

{تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} (٢٢)

ومن ذلك قراءة الزهرى والحسن والأعرج: «تنبت» (١)، برفع التاء، ونصب الباء.

وفى قراءة عبد الله: «تخرج بالدّهن» (٢).

قال أبو الفتح: الباء هنا فى معنى الحال؛ أى: تنبت وفيها دهنها، فهو كقولك: خرج بثيابه، أى: وثيابه عليه، وسار الأمير فى غلمانه، أى: وغلمانه معه، وكأنه قال: خرج لابسا ثيابه، وسار مستصحبا غلمانه، وكذلك قول الهذلىّ (٣):

يعثرن فى حدّ الظّبات كأنّما … كسيت برود بنى تزيد الأذرع (٤)

أى: يعثرن كابيات فى حد الظبات، أو مجروحات فى حد الظبات. ومثله ما أنشده الأصمعى من قوله (٥):

ومستنّة كاستنان الخرو … ف قد قطع الحبل بالمرود

أى: قطع الحبل ومروده فيه؛ أى: متصلا به مروده، فكذلك قوله: «تنبت بالدّهن»،

&


(١) انظر: (القرطبى ١١٦/ ١٢، الكشاف ٢٩/ ٣، البحر المحيط ٤٠١/ ٦).
(٢) انظر: (القرطبى ١١٦/ ١٢، الكشاف ٢٩/ ٣).
(٣) لأبى ذؤيب الهذلى من قصيدته التى مطلعها: أمن المنون وريبها تتوجع والدهر ليس بمعتب من يجزع انظر: (ديوان الهذليين ١/ ١).
(٤) فى ديوان الهذليين ١٠/ ١: «كسيت بدون بنى يزيد الأذرع». شبه طرائق الدم فى أذرعهن بطرائق تلك البرود؛ لأن تلك البرود تضرب إلى الحمرة. والظبة: طرف النصل، يقول: يعثرن فى حد الظبات، والظبات: جمع ظبة. روى الأصمعى: يعثرن فى علق النجيع، إلخ. والعلق: اعفى الدم. والنجيع: الطرى منه. وفى رواية: بنى تزيد، بالتاء، فهو: تزيد بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، تنسب إليهم البرود التزيدية، وروى أبو عبيدة: برود أبى يزيد، قال وكان تاجرا يبيع العصب بمكة.
(٥) انظر: لسان العرب «خرف» «نبت».

<<  <  ج: ص:  >  >>