للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا حملت بزّتى على عدس … فما أبالى من مضى ومن جلس

يعنى البغل؛ لأنه يقال له فى الزجر: عدس. قال (١):

عدس ما لعبّاد عليك إمارة … نجوت وهذا تحملين طليق

فالهيه-كما ترى-ثلاثى، وهيهات-على ما مضى-رباعىّ، فاللفظان أخوان، والمعنيان متقاربان؛ لأن هيهاة اسم بعد، وهيه زجر وإبعاد، ونظير هيه وهيهاه قولهم: سلس وسلسل، وقلق وقلقل، وجرج وجرجر. وسألنى أبو علىّ يوما فقال: أى شئ مثل غوغاء وغوغاء؟ فقلت له: قولهم للمنخوب: هوه وهوهاءة. وينبغى أن يضاف إلى ذلك ما ذكرناه الآن من قولهم: هيه وهيهات.

***

{نُسارِعُ لَهُمْ} (٥٦)

ومن ذلك قراءة الحرّ النحوىّ: «نسرع لهم» (٢)، وقرأ عبد الرحمن بن أبى بكرة: «يسارع لهم» (٣)، وروى عنه أيضا: «يسارع لهم» (٤) بفتح الراء، والذى قبله بكسر الراء. وقراءة الناس: {نُسارِعُ} بالنون والألف.

قال أبو الفتح: هنا على قراءة الكافة إلا عبد الرحمن، ضمير محذوف؛ أى: أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم به فى الخيرات، أو نسرع لهم به، أو يسارع لهم به فى الخيرات؟ فحذفت «به» للعلم بها، كما حذف الضمير فى قولهم: السمن منوان، بدرهم: أى: منوان منه بدرهم، فكأنه «به» المتقدمة فى الصلة من قوله: «نمدهم به» صارت عوضا من اللفظ بها ثانية. ومعناه أنا لا نقدمه لهم إرادة للخير، بل هو إملاء واستدراج لهم كقوله جل وعز: {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ} (٥)، إلى آخر ذلك وغيره من الآى فى معناه.


(١) انظر: (خزانة الأدب ٥١٧/ ٢)، وهو فيه ليزيد بن ربيعة بن مفرغ.
(٢) انظر: (القرطبى ١٣١/ ١٢، البحر المحيط ٤١٠/ ٦، العكبرى ٨٢/ ٢).
(٣) وقراءة السلمى. انظر: (الكشاف ٣٥/ ٣، القرطبى ١٣١/ ١٢، البحر المحيط ٤١٠/ ٦، الرازى ١٠٥/ ٢٣، العكبرى ٨٢/ ٢).
(٤) انظر: (مختصر شواذ القراءات ٩٨، القرطبى ١٣١/ ١٢، الكشاف ٣٥/ ٣، العكبرى ٨٢/ ٢، النحاس ٤٢٢/ ٢).
(٥) سورة الزخرف الآية (٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>