للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{الرِّياحَ بُشْراً} (٤٨)

ومن ذلك قراءة ابن السّميفع: «الرّياح بشرى» (١)، مثل حبلى.

قال أبو الفتح: «بشرى»، مصدر وقع موقع الحال، أى: مبشّرة، فهو كقولهم: جاء زيد ركضا، أى: راكضا، وهلم جرّا، أى: جارّا أو منجرّا. ومنه قول الله تعالى: {ثُمَّ اُدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً} (٢)، أى: ساعيات. ومثله قوله (٣):

فأقبلت زحفا على الرّكبتين … فثوبا نسيت وثوبا أجر (٤)

أى: أقبلت زاحفا، وما أكثر نظائره!.

***

{وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ} (٥٣)

ومن ذلك قراءة طلحة بن مصرّف: «وهذا ملح أجاج».

قال أبو الفتح: قال أبو حاتم: هذا منكر فى القراءة، فقوله: هو منكر فى القراءة يجوز أن يريد به أنه لم يسمع فى اللغة، وإن كان سمع فقليل وخبيث، ويجوز أن يكون ذهب فيه إلى أنه أراد مالح، فحذف الألف تخفيفا كما ذكرنا قبل من قوله:

إلاّ عرادا عردا … وصلّيانا بردا (*١)

وهو يريد: عاردا وباردا، وقد تقدم القول على هذا. وعلى أن «مالحا» ليست فصيحة صريحة؛ لأن الأقوى فى ذلك ماء ملح. ومثله من الأوصاف على فعل: نضو، ونقض، وهرط، وحلف. وقد أجاز ابن الأعرابى «مالح»، وأنشد:

وأنّى لا أعيج بمالح

وأنشدوا أيضا فيه:


(١) انظر: (الكشاف ٩٥/ ٣، مجمع البيان ١٧١/ ٧).
(٢) سورة البقرة الآية (٢٦٠).
(٣) لامرئ القيس، من قصيدته التى مطلعها: أحار بن عمرو كأنى خمر ويعدو على المرء ما يأتمر انظر: (ديوانه ١٠٩).
(٤) فى الديوان ١١٠: «فلما دنوت تسديتها». ثوبا أجر: أى أجره وراءنا لتعفية الأثر.
(*١) سبق الاستشهاد به أكثر من مرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>