للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو الفتح: قد قدمنا ذكر ضعف ذلك، وأنه إنما يجوز فى الشعر لا فى التنزيل.

***

{أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ} (٢٨)

ومن ذلك قراءة الحسن: «أيما الأجلين» (١)، خفيفة الياء.

قال أبو الفتح: فى تخفيف هذه الياء طريقان يكادان يعذران:

أحدهما: تضعيف الحرف، وقد امتد عنهم حذف أحد المثلين إذا تجاورا، نحو أحست، ومست، وظلت. وحكى ابن الأعرابى: ظنت فى ظننت.

والآخر: أن الياء حرف ثقيل منفردة، فكيف بها إذا ضعّفت؟ غير أن فى واجب الصنعة شيئا أذكره لك، وذلك أن «أيّا» عندنا مما عينه واو ولامه ياء، وهذا من باب أويت، هكذا موجب القياس والاشتقاق جميعا.

أما القياس فلأن ما عينه واو ولامه ياء أضعاف ما لامه وعينه ياءان، ألا ترى إلى كثرة باب لويت وشويت وطويت وعويت يده وزويت جانبه، وإلى قلة باب عييت وحييت؟.

فأصل «أىّ» على هذا «أوى»، فاجتمع الواو والياء، وسبقت الواو بالسكون؛ فقلبت ياء، وأدغمت فى الياء؛ فصارت «أىّ»، كقولهم: طويت الثوب طيّا، وزوى وجهه زيّا.

وأما الاشتقاق فلأن «أيّا» أين وقعت غير متبلّغ بها؛ فإنها بعض من كل، كقولنا: أى الناس عندك؟ وأيّهم قام قمت معه، وأيّهم يقوم زيد وبعض الشئ آو إلى جميعه: ألا ترى إلى قول العجلى فى صفة البعير:

يأوى إلى ملط له وكلكل (*١)

أى يتساند إليها، ويعتمد عليها. هذا فى المعنى كقول طفيل:

وآلت إلى أجوازها وتقلقلت … قلائد فى أعناقها لم تقضّب

وهذا واضح، فأصل «أىّ» على هذا أوى، ثم أدغمت الواو فى الياء على ما مضى؛

&


(١) وقراءة أبى عمرو. انظر: (الإتحاف ٣٤٢، القرطبى ٢٧٩/ ١٣، الكشاف ١٧٤/ ٣، مجمع البيان ٢٤٩/ ٧، البحر المحيط ١٢٥/ ٧).
(*١) سبق الاستشهاد به فى (٣٨٢/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>