للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهذا نفى لمن قال: نام ليل المطىّ، وتطرقوا من هذا الاتساع إلى ما هو أعلى منه، فعليه بيت الكتاب (١):

أمّا النّهار ففى قيد وسلسلة … واللّيل فى جوف منحوت من السّاج (٢)

فجعل النهار نفسه فى القيد والسلسلة، والليل نفسه فى جوف المنحوت. وإنما يريد أن هذا المذكور فى نهاره فى القيد والسلسلة، وفى ليله فى بطن المنحوت. وقد جاء هذا فى الأماكن أيضا، وعليه قول رؤبة (٣):

ناج وقد زوزى بنا زيزاؤه

فالزّيزاء على هذا فعلاء، وهى هذه الغليظة المنقادة من الأرض، فكأن هذه الأرض سارت بهم الفجاج؛ لأنهم ساروا عليها. وقد يمكن أن يكون «زيزاؤه» مصدرا من زوزيت، فيكون الفعل منسوبا إلى المصدر، كقولهم: سار بنا السير، وقام بهم القيام. فهو على قولك: سير سائر، وقيام قائم. ومنه: شعر شاعر، وموت مائت، وويل وائل. والزّيزاء على هذا فعلال، كالزّلزال، والقلقال.

وأما قول رؤبة:

هيهات من منخرق هيهاؤه (٤)

فهو فعلال من لفظ هيهات، كالزّلزال، والقلقال، وليس مصدرا صريحا. وهيهات من مضاعف الياء، ومن باب الصيّصية وقد تقدم القول عليه.

***

{وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً} (٦٩)

ومن ذلك قراءة ابن مسعود: «وكان عبدا لله وجيها» (٥).


(١) البيت من الخمسين التى استشهد بها سيبويه دون نسبة. انظر: (الكتاب ١٦٠/ ١،١٦١). ونسبه المبرد فى الكامل: إلى رجل من أهل البحرين من اللصوص.
(٢) وصف سجينا يقيد بالنهار ويغل فى سلسلة، ويوضع بالليل فى بطن محبس منحوت، أى محفور من الساج، وهو شجر من شجر الهند. وشاهده المجاز فى جعل النهار فى سلسلة، وإنما السجين هو المجعول فيها.
(٣) انظر: (ديوانه ٤).
(٤) سبق الاستشهاد به.
(٥) وقراءة المطوعى، والأعمش، وأبى حيوة، وابن شنبوذ. انظر: (الإتحاف ٣٥٦، البحر المحيط ٢٥٣/ ٧، الكشاف ٢٧٧/ ٣، القرطبى ٢٥٢/ ١٤، مجمع البيان ٣٧١/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>