للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنه كان قدّر فيهم شيئا فبلغ منهم، فصدق ما كان أودعه ظنّه فى معناه. فالمعنيان من بعد متراجعان إلى موضع واحد؛ لأنه قدّر تقديرا فوقع ما كان تقديره فيهم. و «على» متعلقة ب‍ «صدق»: كقولك: صدقت عليك فيما ظننته بك، ولا تكون متعلقة بالظن؛ لاستحالة جواز تقدم شئ من الصلة على الموصول.

وذهب الفراء إلى أنه على معنى فى ظنه، وهذا تمحّل للإعراب، وتحرّف عن المعنى. ألا ترى أن من رفع «ظنه» فإنما جعله فاعلا؟ فكذلك إذا نصبه جعله مفعولا على ما مضى. وكذلك أيضا من شدّد، فقال: «صدّق»، فنصب «الظن» على أنه مفعول به.

***

{حَتّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} (٢٣)

ومن ذلك قراءة الحسن: «فزع» (١)، بالزاى خفيفة، وبالعين.

وقرأ: «فرّغ»، بفتح الفاء والراء، وبالغين (٢) -الحسن، بخلاف، وقتادة وأبو المتوكل وقرأ: «فرغ» (٣)، بالراء خفيفة، وبالغين، والفاء مضمومة-الحسن وقتادة، بخلاف عنهما.

وقد روى عن الحسن: «فرّغ» (٤)، بضم الفاء، وبالراء مشددة، وبالغين.

وقال أبو عمر الدورىّ: بلغنى عن عيسى بن عمر أنه كان يقرأ: «حتّى إذا افرنقع عن قلوبهم» (٥).

قال أبو الفتح: المعنى فى جميع ذلك: حتى إذا كشف عن قلوبهم.

فأما «فزع»، بالفاء، والزاى خفيفة-فمرفوعه حرف الجر وما جرّه، كقولنا: سير عن البلد، وانصرف عن كذا إلى كذا، وقد شرحنا نحوا من ذلك فى القصص.


(١) انظر: (القرطبى ٢٩٨/ ١٤، الكشاف ٢٨٨/ ٣، البحر المحيط ٢٧٨/ ٧، مجمع البيان ٣٨٨/ ٨).
(٢) وقراءة مطر الوراق. انظر: (القرطبى ٢٩٨/ ١٤، الكشاف ٢٨٨/ ٣، النحاس ٦٧١/ ٢).
(٣) وقراءة أيوب، وحميد الطويل. انظر: (القرطبى ٢٩٨/ ١٤، النحاس ٦٧١/ ٢).
(٤) وقراءة عوف، وهيثم، وأبى مجلز، وعبد الله بن عمر، وأيوب السختيانى، وقتادة. انظر: (الفراء ٣٦١/ ٢، الطبرى ٦٤/ ٢٢، القرطبى ٢٩٨/ ١٤، الإتحاف ٣٥٩، البحر المحيط ٢٧٨/ ٧، العكبرى ١٠٦/ ٢، النحاس ٦٧١/ ٢، تهذيب اللغة «فرغ»).
(٥) وقراءة ابن مسعود. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٢٢، الكشاف ٢٨٨/ ٣، البحر المحيط ٢٧٨/ ٧، العكبرى ١٠٦/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>