للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك «فرغ»، بالفاء، والراء خفيفة، وبالغين.

فأما «فزّع» و «فرّغ» ففاعلاهما مضمران: إن شئت كان اسم الله تعالى، أى: كشف الله عن قلوبهم. وإن شئت كان ما هناك من الحال، أى: فرّغ أو فزّع حاضر الحال عن قلوبهم، وإضمار الفاعل لدلالة الحال عليه كثير واسع، منه ما حكاه سيبويه من قولهم: إذا كان غدا فأتنى (١)، وكذلك قول الشاعر:

فإن كان لا يرضيك حتّى تردّنى … إلى قطرىّ لا إخالك راضيا (٢)

أى: إن كان لا يرضيك ما جرى، أو ما الحال عليه.

قال أبو حاتم: قال يعقوب: روى أيوب السختيانى عن الحسن: «فرغ»، ضم الفاء، وكسر الراء وخففها، وأعجم الغين، فقيل للحسن: إنهم يقولون: «فرّغ»، مثقلة، فقال الحسن: لا، إنها عربية. قال: ولا أظن الثقات رووها عن الحسن على وجوه إلا لصعوبة المعنى عليه. واختلفت ألفاظه، وقال فيها أقوالا مختلفة، يعنى أبو حاتم اجتماع معنى «ف ز ع» مع معنى أبى «ف ر غ» أن الفزع: قلق ومفارقة للموضع المقلوق عليه، والفراغ: إخلاء الموضع، فهما من حيث ترى ملتقيان.

وكذلك معنى «افرنقع»، يقال: افرنقع القوم عن الشئ؛ أى: تفرقوا عنه.

ومما يحكى فى ذلك أن أبا علقمة النحوى ثار به المرار، فاجتمع الناس عليه، فلما أفاق قال: مالكم قد تكأكأتم علىّ كتكأكئكم على ذى جنّة؟ افرنقعوا عنى. قال: فقال بعض الحاضرين: إن شيطانه يتكلم بالهنديّة.

***

{بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ} (٣٣)

ومن ذلك قراءة سعيد بن جبير: «بل مكرّ الليل والنهار»، وهى قراءة أبى رزين أيضا (٣).


(١) انظر: (الكتاب ٢٢٤/ ١).
(٢) هو لسوار بن المضرب، وكان الحجاج دعاه أن يكون فى حرب الخوارج، فهرب منه ويروى فى النوادر ٤٥: «فإن كنت لا يرضيك حتى تردنى». ويروى فى حماسة ابن الشجرى ٥٥: «فإن كان لا يرضيك حتى تردنى». فلا شاهد إذن. انظر: (الخصائص ٤٣٥/ ٢، الكامل بشرح المرصفى ٢/ ٥).
(٣) وقراءة، ابن يعمر، ومسعود بن مالك، وجعفر بن محمد. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٢٢، البحر المحيط ٢٨٣/ ٧، العكبرى ١٠٧/ ٢، القرطبى ٣٠٣/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>