قال أبو الفتح: يشهد لتنكيره تنكير ما قبله من قول الله سبحانه: {اِسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ،} وقراءة العامة أقوى معنى؛ وذلك أن «المكر» فيها معرفة لإضافته إلى المعرفة؛ أعنى «السّيّئ»، فكأنه قال: والمكر السّيّئ الذى هو عال مستكره مستنكر فى النفوس. وعليه قال من بعد:{وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ،} وأبدل {اِسْتِكْباراً} وما بعده من النكرة قبله، وهى هو من قوله:{ما زادَهُمْ إِلاّ نُفُوراً}(١)، وحسن تنكير الاستكبار لأنه أدنى إلى «نفور» مما بعده. وقد يحسن مع القرب فيه ما لا يحسن مع البعد، واعتمد ذلك لقوة معناه بتعريفه، والإخبار عنه بأن مثله لا يخفى، لعظمه وشناعته.