للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ ابن مسعود وعبد الرحمن بن الأسود: «إلاّ زقية» (١).

قال أبو الفتح: فى الرفع ضعف؛ لتأنيث الفعل، وهو قوله: «كانت». ولا يقوى أن تقول: ما قامت إلاّ هند، وإنما المختار من ذلك: ما قام إلاّ هند؛ وذلك أن الكلام محمول على معناه، أى: ما قام أحد إلاّ هند. فلما كان هذا هو المراد المعتمد-ذكّر لفظ الفعل، إرادة له، وإيذانا به. ثم إنه لما كان محصول الكلام: قد كانت صيحة واحدة جئ بالتأنيث؛ إخلادا إليه، وحملا لظاهر اللفظ عليه. ومثله قراءة الحسن: «فأصبحوا لا ترى إلاّ مساكنهم (٢)»»، بالتاء فى «ترى». وعليه قول ذى الرمة:

برى النّحر والأجرال ما فى غروضها … فما بقيت إلا الصّدور الجراشع (٣)

وأقوى الإعرابين: فما بقى إلا الصدور؛ لأن المراد ما بقى شئ منها إلا الصدور، على ما مضى.

وأما «زقية» فيقال: زقا الطائر يزقو ويزقى زقوّا وزقيّا وزقاء: إذا صاح، وهى الزّقوة والزّقية.

وأما أبو حاتم فصرّف الفعل على الواو، فلم ير للياء فيه تصريفا، وقال: أصلها «زقوة»، إلا أن الواو أبدلت للتخفيف-ياء، وشبّهه بقولهم: أرض مسنيّة، وإنما هو مسنوّة، وقوله (٤):

أنا اللّيث معديّا علىّ وعاديا (٥)


(١) انظر: (الفراء ٣٧٥/ ٢، الكشاف ٣٢٠/ ٣، النحاس ٧١٧/ ٢ القرطبى ٢١/ ١٥،٤٢،٤٣، الآلوسى ٢٣/ ٣).
(٢) سورة الأحقاف الآية (٢٥).
(٣) انظر: (ديوانه ٣٤١).
(٤) لعبد يغوث الحارثى الجاهلى.
(٥) صدره: «وقد علمت عرس مليكة أننى». انظر: (شرح شواهد الشافية ٤٠٠/ ٤،٤٠١، ذيل الأمالى ١٣٣/ ٢). قال البغدادى: على أن أصله معدوا عليه، وهو القياس، وقلب الواو ياء فى مثله نادر؛ لأنه غير جمع، قال الأعلم: «الشاهد فيه قلب معدو إلى معدى اسثقالا للضمة والواو تشبيها له بالجمع، وبعض النحويين يجعل معديا جاريا على عدى فى القلب والتغيير، والصحيح ما ذهب إليه سيبويه من شذوذه تشبيها بالجمع؛ لأن مفعولا يجرى على فعلته كما يجرى على فعل، تقول: عدوت عليه فهو معدو عليه كما يقال: عدى عليه فهو معدو عليه، وقد استويا فى التغيير مع اختلاف فعليهما فيه. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>