للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو الفتح: هو تأنيث الويل، فويلة كقولة، ومثله: {يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ} (١)، وأصلها: يا ويلتى، فأبدلت الياء ألفا؛ لأنه نداء، فهو فى موضع تخفيف، فتارة تحذف هذه الياء كقولك: يا غلام، وأخرى بالبدل كقولك: يا غلاما. قال (٢):

يا أبتا علّك أو عساكا

فإن قلت: فكيف قال: «يا ويلتا»، وهذا لفظ الواحد وهم جماعة، ألا ترى أن بعده {مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا؟} قيل: يكون على أن كل واحد منهم قال: «يا ويلتا من بعثنا من مرقدنا»، كما يقول الرجل: صبرا على ما حكم الله به علينا، ورضيت بما قسم الله لنا. ونحو منه قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً} (٣)؛ أى: اجلدوا كل واحد منهم. ومثله ما حكاه أبو زيد من قولهم: أتينا الأمير فكسانا كلنا حلّة، وأعطانا كلنا مائة، أى: كسا كل واحد منا حلّة، وأعطى كل واحد منا مائة.

***

{مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا} [يس:٥٢]

ومن ذلك قراءة أبىّ بن كعب: «من هبّنا من مرقدنا» (٤)، يعنى أصحاب القبور.

قال أبو الفتح: قد أثبت أبو حاتم عن ابن مسعود: «من أهبّنا» (٥)، بالهمزة. وهى أقيس القراءتين. يقال: هبّ من نومه، أى: انتبه وأهببته أنا، أى: أنبهته. قال (٦):

&


(١) نسبه فى الكتاب ٣٧٤/ ٢ لرؤبة بن العجاج ونسبه فى الكتاب ٢٠٧/ ٤ فى بعض نسخه للعجاج. انظر: (ملحقات ديوانه ١٨١، الكتاب ٣٧٤/ ٢،٢٠٧/ ٤، أمالى ابن الشجرى ٧٦/ ٢،١٠٤، الخصائص ٩٨/ ٢، الإنصاف ٢٢٢، شرح المفصل ١٢/ ٢،١٢٠/ ٣،١٣٢/ ٧، خزانة الأدب ٤٤١/ ٢، همع الهوامع ١٣٢/ ١، شرح شواهد المغنى ١٥١، شرح الأشمونى ٢٦٧/ ١،١٥٨/ ٣، شرح التصريح ٢١٣/ ١،١٧٨/ ٢). وللبغدادى فى تحقيقه فى نسبة الرجز ونصه، ما بلغ فيه الغاية، فارجع إليه.
(٢) سورة النور الآية (٤).
(٣) انظر: (الكشاف ٣٢٦/ ٣، القرطبى ٤١/ ١٥، مجمع البيان ٤٢٨/ ٨).
(٤) انظر: (الفراء ٣٨٠/ ٢، الكشاف ٣٢٦/ ٣، الآلوسى ٣٢/ ٢٣).
(٥) جميل بثينة، من قصيدة مطلعها: تذكر أنسا من بثينة ذا القلب وبثنة ذكراها لذى شجن نصب
(٦) انظر: (ديوان العذريين ١٨)، النوام: النائمون.

<<  <  ج: ص:  >  >>