للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو الفتح: لفظ هذا الموضع على الاستفهام، ومعناه الوضوح والاختصاص؛ وذلك أن الغرض فيه إنما هو: فإذا نزل العذاب بساحتهم. يدل عليه قوله قبله معه {أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ؟} «فإذا قال: «فإذا نزل بساحتهم» فلا محالة أن معناه: فإذا نزل عذابنا بساحتهم، فأبهم الفاعل واعتمد ذكر المكان المنزول فيه.

ومثله فى المعنى قول الله سبحانه: {خُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً} (١)، ونحن نعلم أن الله تعالى خالقه. وكذلك {خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ} (٢)، ألا ترى إلى قوله: {اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ} (٣)، وقوله عز اسمه: {خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ} (٤)، وقوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} (٥)، ونظائره كثيرة.

فكذلك قوله تعالى: {فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ} على ما شرحناه من حاله، وهذا أحد ما يدلك على أن إسناد الفعل إلى المفعول نحو: ضرب زيد، لم يكن لجهل المتكلم بالفاعل من هو ألبتة، لكن قد يسند إلى المفعول، ويطرح ذكر الفاعل؛ لأن الغرض إنما هو الإعلام بوقوع الضرب بزيد، ولا غرض معه فى إبانة الفاعل من هو، فاعرفه.

***

&


(١) سورة النساء الآية (٢٨).
(٢) سورة الأنبياء (٣٧).
(٣) سورة العلق الآيتان (١،٢).
(٤) سورة الرحمن (٣،٤).
(٥) سورة ق الآية (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>