للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو الفتح: هذا على لغة أهل الحجاز، ومثله قراءتهم: «فخسفنا بهو وبدارهو الأرض» (١)، وقد تقدم القول عليه.

***

{وَإِنَّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} (٢١)

ومن ذلك قراءة مسلم بن جندب: «وأنّ الظالمين لهم عذاب أليم»، نصب (٢).

قال أبو الفتح: هو معطوف على كلمة «الفصل»، أى: ولولا كلمة الفصل، وأن الظالمين لهم عذاب أليم، ولولا أن الظالمين قد علم منهم أنهم سيختارون ما يوجب عليهم العذاب لهم لقضى بينهم.

ونعوذ بالله مما يجنيه الضعف فى هذه اللغة العربية على من لا يعرفها، فإن أكثر من ضل عن القصد حتى كبّ على منخريه فى قعر الجحيم إنما هو لجهله بالكلام الذى خوطب به، ثم لا يكفيه عظيم ما هو عليه وفيه دون أن يجفوها، ويعرض عما يوضحه له أهلوها. نعم، ويقول: ما الحاجة إليها؟ وأين وجه الضرورة الحاملة عليها؟ نعوذ بالله من التتابع فى الجهالة، والعدول عما عليه أهل الوفور والمثالة.

وجاز الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بجواب «لولا» الذى هو قوله: {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ؛} لأن ذلك شائع، وكثير عنهم. قال لبيد (٣):

فصلقنا فى مراد صلقة … وصداء ألحقتهم بالثّلل (٤)

أى: فصلقنا فى مراد وصداء صلقة.

وفيه أيضا فصل بين الموصوف الذى هو صلقة، والصفة التى هى قوله: ألحقتهم بالثّلل، بالمعطوف الذى هو قوله: وصداء، والموصوف مع ذلك نكرة. وما أقوى


(١) سورة القصص الآية (٨١).
(٢) وقراءة الأعرج. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٣٥، الكشاف ٤٦٦/ ٣، البحر المحيط ٧١٧/ ٧، القرطبى ٢٠/ ١٦، الرازى ١٦٣/ ٢٧، الآلوسى ٢٨/ ٢٥).
(٣) من قصيدته التى مطلعها: إن تقوى ربنا خير نفل وبإذن الله ريثى وعجل انظر: (ديوانه ١٣٩).
(٤) انظر: (ديوانه ١٤٦). صلقنا: صحنا. والثلل: الهلال، والإثارة إلى يوم فيف الريح وهو يوم تجمعت فيه قبائل بنى الحارث وبنى جعفر وسعد العشيرة ومراد وصداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>