للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حاجتها إلى الصفة! ومثله ما أنشدناه أبو علىّ من قول الآخر:

أمرّت من الكتّان خيطا وأرسلت … رسولا إلى أخرى جريّا يعينها (١)

ففصل بين قوله: «رسولا»، وبين صفته التى هى جريّا بقوله: إلى أخرى، وهو معمول أرسلت. على هذا حمله أبو علىّ وإن كان يجوز أن يكون صفة ل‍ «رسول» متعلقة بمحذوف، وأن يكون أيضا متعلقا بنفس «رسول».

وقد يجوز فى «أنّ» أن تكون مرفوعة بفعل مضمر، حتى كأنه قال: ووجب، أو: وحق أن الظالمين لهم عذاب أليم. يؤنّسك بانقطاعه عن الأول إلى هنا قراءة الجماعة بالكسر {وَإِنَّ} بالكسر فهذا استئناف-كما ترى-لا محالة.

***

{ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ} (٢٣)

ومن ذلك قراءة مجاهد وحميد: «ذلك الذى يبشر»، بضم الياء، وسكون الباء، وكسر الشين (٢).

قال أبو الفتح: وجه هذه القراءة أقوى فى القياس؛ وذلك أنه يقال: بشر زيد بكذا، ثم نقل بهمزة النقل، فقيل: أبشره الله بكذا، فهذا كمرّ زيد بفلان، وأمرّه الله به. ورغب فيه، وأرغبه الله فيه.

نعم، وأفعلت هاهنا كفعّلت فيه، وهو أبشرته وبشّرته، وكلاهما منقول للتعدى: أحدهما: بهمزة أفعل، والآخر: بتضعيف العين. فهذا كفرح وأفرحته وفرّحته، وهو بشر وأبشرته وبشّرته. وأما بشرته-بالتخفيف-فعلى معاقبة فعل لأفعل فى معنى واحد، نحو جدّ فى الأمر وأجدّ، وصدّ عن كذا وأصدّ.

قال أبو عمرو: وإنما قرأت هذا الحرف وحده «يبشر»؛ لأنه ليس معه «به»، وهذا صحيح حسن.

***

&


(١) انظر: (الخصائص ٣٩٨/ ٢).
(٢) انظر: (الكشاف ٤٦٦/ ٣، البحر المحيط ٥١٥/ ٧، القرطبى ٢١/ ١٦، الرازى ١٦٣/ ٢٧، التبيان ١٥٦/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>