للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على نهاية المجّ له والإعراض عنه، لا سيما وقد جاور بحرف الجرّ حرفا مثله لفظا ومعنى. فلو وجد هذا البيت عنوانا على كل ورقة من مصحف أبى عمرو لما جاز استعمال مثله فى الشعر إلا كلا ولا، فضلا عن الأخذ به فى كتاب الله.

فإذا كان كذلك بطل رفع «كلّ» لما ذكرناه، ووجب أن يكون نصبا على لغة من نصب مع التخفف، فقال: إن زيدا قائم؛ لأنه إذا نصب زال الشك فى أنها ليست بالنافية؛ لأن تلك غير ناصبة للمبتدأ. وترك ابن مجاهد ذكر الإعراب فى «كل» يدعو إلى أن يكون رفعا؛ إذ لو كان نصبا لذكره لما فيه من الشذوذ الذى عليه وضع هذا الكتاب، ففيه إذا ما تراه، فتعجب منه.

***

{يا مالِكُ} (٧٧)

ومن ذلك قراءة علىّ بن أبى طالب وابن مسعود رضى الله عنهما، ويحيى والأعمش: «يا مال» (١).

قال أبو الفتح: هذا المذهب المألوف فى الترخيم، إلا أن فيه فى هذا الموضع سرّا جديدا؛ وذلك أنهم-لعظم ما هم عليه-ضعفت قواهم، وذلّت أنفسهم، وصغر كلامهم، فكان هذا من مواضع الاختصار ضرورة عليه، ووقوفا دون تجاوزه إلى ما يستعمله المالك لقوله، القادر على التصرف فى منطقه.

***

{فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ} (٨١)

ومن ذلك قراءة أبى عبد الرحمن اليمانى: «فأنا أوّل العبدين» (٢).

قال أبو الفتح: معناه-والله أعلم-أول الأنفين. يقال: عبدت من الأمر أعبد عبدا، أى: أنفت منه. وهذا يشهد لقول من قال فى القراءة الأخرى: {فَأَنَا أَوَّلُ}


(١) وقراءة أبى الدرداء. انظر: (الكشاف ٤٩٦/ ٣، الرازى ٢٢٧/ ٢٧، القرطبى ١١٦/ ١٦،١١٧، البحر المحيط ٢٨/ ٨، النحاس ١٠٢/ ٣، العكبرى ١٢٢/ ٢، مختصر شواذ القراءات ١٣٦، قطر الندى ٢٨٩، زاد المسير ١٠٦/ ٧).
(٢) وقراءة أبى عبد الله، وأبى عبد الرحمن السلمى. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٣٧، الكشاف ٤٩٧/ ٣، البحر المحيط ٢٨/ ٨، القرطبى ١٢٠/ ١٦، مجمع البيان ٥٦/ ٩، الآلوسى ١٠٥/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>