للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{الْعابِدِينَ؛} أى: الأنفين. ولم يذهب إلى أنه أول العابدين؛ لأنى لا أذهب إلى ما يذهبون إليه من أن معناه إن كان للرحمن عندكم أنتم ولد فأنا أوّل من يعبده؛ لأن الأمر بخلاف ما قدرتموه أنتم.

ألا ترى أن العبدين من عبد يعبد؟ فإن قلت: فقد قال:

أصبح قلبى صردا … لا يشتهى أن يردا

إلاّ عرادا عردا … وصلّيانا بردا

وعنكثا ملتبدا (١)

يريد عاردا وباردا، كما قال العجلى:

كأنّ فى الفرش القتاد العاردا (٢)

قيل: إنما جاز فى الضرورة؛ لأن القافية غير مؤسّسة، فحذف الألف ضرورة كما حذفها الآخر من قوله:

مثل النّقا لبّده ضرب الطّلل (٣)

يريد الطّلال، كما قال القحيف العقيلىّ:

ديار الحىّ يضربها الطّلال … بها أهل من الخافى ومال (٤)

وكذلك مذهب ابن عباس فى قوله: {فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ،} أى: الأنفين.

ووجه ثالث مقول أيضا، وهو أن تكون «إن» بمعنى ما، أى: ما كان للرحمن ولد، فأنا أول العابدين له؛ لأنه لا ولد له. قال الفرزدق:

وأعبد أن تهجى كليب بدارم (٥)

أى: آنف من ذلك.


(١) سبق الاستشهاد به فى (٤١٨/ ١).
(٢) سبق الاستشهاد به فى (٢٧٠/ ١).
(٣) سبق الاستشهاد به فى (٢٨٠/ ١).
(٤) سبق الاستشهاد به فى (٢٨٠/ ١).
(٥) انظر: (ديوانه ٢٤٦/ ٢) وقد ورد فيه: أظنّت كلاب اللؤم أن لست شاتما قبائل إلا بنى دخان بدارم

<<  <  ج: ص:  >  >>