للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروينا عن قطرب أن العابد العالم، والعابد الجاحد، والعابد الأنف الغضبان، قال: ومعنى هذه الآية يحتمل كل هذه المعانى، وفيه ما ذكرته أنا لك.

***

{وَقِيلِهِ} (٨٨)

ومن ذلك قراءة الأعرج ورويت عن أبى قلابة وعن مجاهد أيضا: «وقيله»، رفعا (١).

قال أبو الفتح: ينبغى أن يكون ارتفاعه عطفا على «علم» من قوله: {وَعِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ،} و «قيله»، أى: وعلم قيله، فجاء على حذف المضاف، كما أن من جره «وقيله» فهو معطوف عنده على {السّاعَةِ}. فالمعنيان-كما تراه-واحد، والإعرابان مختلفان.

فمن نصب فقال: «وقيله» كان معطوفا على «الساعة» فى المعنى، إذ كانت مفعولا بها فى المعنى، أى: عنده أن يعلم الساعة وقيله، وهذا كقولك: عجبت من أكل الخبز والتمر، أى: من أن أكلت هذا هذا.

وروينا عن أبى حاتم، قال: «وقيله» نصب معطوف على «يسمع سرّهم ونجواهم»، و «قيله». قال: قال ذلك جماعة، منهم يعقوب القارئ. وبعد، فليعلم أن المصدر الذى هو قيل مضاف إلى الهاء، وهى مفعولة فى المعنى لا فاعلة؛ وذلك أن وعنده عطفا علم أن يقال له: يا ربّ إن هؤلاء قوم لا يؤمنون. فالمصدر هنا مضاف إلى المفعول لا إلى الفاعل، وإنما هو من باب قول الله سبحانه: {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ} (٢)، أى: بسؤاله إياك نعجتك. ومثله قوله تعالى: {لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ} (٣)، أى: من دعائه الخير، لا بدّ من هذا التقدير.

ألا ترى أنه لا يجوز أن تقدره على أنه: وعنده علم أن يقول الله: يا ربّ إن هؤلاء قوم لا يؤمنون؟ لأن هذا إنما يقال لله تعالى دون أن يكون سبحانه يقول: يا رب إن هؤلاء كذا، فتم الكلام على يؤمنون، ثم قال الله: يا محمد، فاصفح عنهم، وليس يريد


(١) وقراءة الحسن، وقتادة، ومسلم بن جندب. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٣٧، البحر المحيط ٣٠/ ٨، الكشاف ٤٩٨/ ٢، التبيان ٢١٩/ ٩، القرطبى ١٢٣/ ١٦، النحاس ١٠٤/ ٣، العكبرى ١٢٣/ ٢، مجمع البيان ٥٨/ ٩).
(٢) سورة ص الآية (٢٤).
(٣) سورة فصلت الآية (٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>