للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كقولنا: خرج بثيابه: أى: وثيابه عليه. ومثله قول الله تعالى: {فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} (١)، أى: وزينته عليه، ومثله قول الهذلىّ:

يعثرن فى حدّ الظّبات كأنّها … كسيت برود بنى يزيد الأذرع (٢)

أى: يعثرن وهنّ فى حد الظبات، وكقوله-أنشده الأصمعى:

ومستنّة كاستنان الخرو … ف قد قطع الحبل بالمرود (٣)

أى قطعه: وفيه مروده، وكذلك القراءة العامة: {وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ}. إن شئت علقت الباء بنفس «جاءَتْ» على ما مضى.

وإن شئت علقتها بمحذوف وجعلتها حالا، فكأنه قال: وجاءت سكرة الموت ومعها الحق. فإن قلت: فكيف يجوز أن تقول: جاءت سكرة الحق بالموت، وأنت تريد به: وجاءت سكرة الموت بالحق، فياليت شعرى أيتهما الجائية بصاحبتها؟.

قيل: لاشتراكهما فى الحال، وقرب إحداهما من صاحبتها صار كأن كل واحدة منهما جائية بالأخرى؛ لأنهما ازدحمتا فى الحال، واشتبكتا حتى صارت كل واحدة منهما جائية بصاحبتها، كما يقول، الرجلان المتوافيان فى الوقت الواحد إلى المكان- كل واحد منهما لصاحبه: لا أرى أأنا سبقتك، أم أنت سبقتنى؟.

***

{أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ} (٢٤)

ومن ذلك قراءة الحسن: «ألقيا فى جهنّم»، بالنون الخفيفة (٤).

قال أبو الفتح: هذا يؤكد قول أصحابنا فى «ألقيا»: إنه أراد «ألقيا»، وأجرى الوصل فيه مجرى الوقف، كقوله: يا حرسىّ اضربا عنقه.

***

{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ} (٣٠)

ومن ذلك قراءة ابن مسعود والحسن والأعمش: «يوم يقال لجهنّم» (٥).


(١) سورة القصص الآية (٧٩).
(٢) سبق الاستشهاد به فى (١٣١/ ٢).
(٣) سبق الاستشهاد به فى (١٣١/ ٢).
(٤) انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٤٥، الكشاف ٨/ ٤، القرطبى ١٦/ ١٧، البحر المحيط ١٢٦/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>