للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخبز زيدا، ثم تحذف زيدا، فلا تجد بدّا من إقامة الخبز مقام الفاعل، فتقول: أطعم الخبز. ومثله أركب الفرس وأبثّ الحديث، وكسيت الجبّة، وأطعم الطعام، وسقى الشراب، ولقى الخير، ووقى الشرّ. ورحم الله ابن مجاهد! فلقد كان كبيرا فى موضعه، مسلّما فيما لم يمهر به.

***

{الْخاطِؤُنَ} (٣٧)

ومن ذلك قراءة الزهرى والحسن وموسى بن طلحة: «الخاطيون»، بإثبات الياء، ولا يهمز (١).

قال أبو الفتح: يحتمل هذا قولين:

أحدهما: أن يكون تخفيفا للهمز، لكن على مذهب أبى الحسن فى قول الله تعالى: «يَسْتَهْزِؤُنَ» (٢)، بإخلاص الهمزة فى اللفظ ياء، لانكسار ما قبلها. وسيبويه يجعلها بين بين على مذهبه فى مثل ذلك، وقد ذكرناه، وفيه بعض الطول، ومثله أيضا يدق على القراء. والآخر: أن يكون قد بقى من الهمز جزء ما على مذهب سيبويه، إلا أنه يلطف على القراء، فيقولونه بإخلاص الياء، ومعذورون فيه لغموضه.

***

{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ} (٤٤)

ومن ذلك ذكر محمد بن ذكوان أنه سمع أباه يقرأ: «ولو يقول علينا بعض الأقاويل» (٣).

قال أبو الفتح: فى هذه القراءة تعريض بما صرحت به القراءة العامة التى هى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ،؛} ذلك أن {تَقَوَّلَ} لا تستعمل إلاّ مع التكذب، فهى مثل تخرّص وتزيّد. وأما «يقول» فليست مختصة بالباطل دون الحق، وبالكذب دون الصدق، لكن قوله تعالى: {بَعْضَ الْأَقاوِيلِ} فيه الكناية والتعريض بالقبيح، كقولك: للرجل وأنت فى ذكر


(١) وقراءة طلحة، والعتكى. انظر: (الرازى ١١٦/ ٣٠، البحر المحيط ٣٢٧/ ٨، القرطبى ٢٧٤/ ١٨، النحاس ٥٠١/ ٣).
(٢) سورة الأنعام الآية (٥).
(٣) انظر: (البحر المحيط ٣٢٩/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>