للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من هذا القبيل، لا من الأول. وأنكر أبو حاتم الجزم على البدل، وقال: لأن المن ليس بالاستكثار فيبدل منه، وبينهما من النسبة ما ذكرته لك.

وأما الوجه الآخر فأن يكون أراد: {تَسْتَكْثِرُ} فأسكن الراء؛ لثقل الضمة مع كثرة الحركات، كما حكاه أبو زيد من قولهم: {بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} (١)، بإسكان اللام. وقد مضى هذا فيما قبل مستقصى.

فأما «تستكثر»، بالنصب فبأن مضمرة على ما أذكره لك، وذلك أن يكون بدلا من قوله: «ولا تمنن» على المعنى. ألا ترى أن معناه لا يكن منك من واستكثار؟ فكأنه قال: لا يكن منك منّ أن تستكثر فتضمر أن لتكون مع الفعل المنصوب بها بدلا من المن فى المعنى الذى دل عليه الفعل، ونظير اعتقاد المصدر مغروما عن الفعل فى نحو هذا- قولهم: لا تشتمه فيشتمك أى: لا يكن منك شتم له، ولا منه أن يشتمك. فكما ساغ هناك تقدير المصدر، فكذلك ساغ هنا تقديره أيضا.

ومما وقع فيه الفعل موقع المصدر ما أنشده أبو زيد من قوله:

فقالوا ما تشاء فقلت ألهو … إلى الإصباح آثر ذى أثير (٢)

أراد اللهو موضع ألهو، وهذا واضح.

***

{عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ} (٣٠)

ومن ذلك قراءة أبى جعفر يزيد وطلحة بن سليمان: «عليها تسعة عشر»، بإسكان العين (٣).

وقرأ أنس بن مالك: «تسعة أعشر» (٤).

وروى عنه: «تسعة وعشر»، برفع الهاء، وبعدها واو مفتوحة، وعين مجزومة (٥).


(١) سورة الزخرف الآية (٨٠).
(٢) سبق الاستشهاد به فى (٧٧/ ٢).
(٣) انظر: (الفراء ٢٠٣/ ٣، النشر ٢٧٩/ ٢، الإتحاف ٤٢٧، القرطبى ٨١/ ١٩، الكشاف ١٨٤/ ٤، الرازى ٢٠٣/ ٣٠، النحاس ٥٤٥/ ٣، البحر المحيط ٣٧٥/ ٨).
(٤) انظر: (الكشاف ١٨٤/ ٤).
(٥) وقراءة إبراهيم. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>