للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{عَطاءً حِساباً} (٣٦)

ومن ذلك قراءة ابن قطيب: «عطاء حسّابا» (١).

قال أبو الفتح: طريقه عندى-والله أعلم-عطاء محسبا، أى كافيا. يقال: أعطيته ما أحسبه، أى: كفاه، إلا أنه جاء بالاسم من أفعل على فعّال. وقد جاءت منه أحرف، قالوا: أجبر فهو جبّار، وأدرك فهو درّاك، وأسأر من شرابه فهو سأار، وأقصر عن الشئ فهو قصّار، وقد تقدم ذلك.

وأنا أذهب فى قولهم: أحسبه من العطية، أى: كفاه-إلى أنه من قولهم: حسبك كذا، أى: أعطاه حتى قال: حسب، كما أن قولهم: بجّلت الرجل، ورجل بجيل وبجال-كأنه من قولهم: بجل، أى: حسب، فكأنه انتهى من الفضل والشرف إلى أنه متى جرى ذكره قيل: بجل، قف حيث أنت، فلا غاية وراءه. وكذلك عندى أصل تصرّف النعمة والنعيم والإنعام وجميع ما فى هذا الحرف-إنما هو من قولنا: نعم؛ وذلك أن «نعم» محبوبة مستلذة، وهى ضد «لا» الكزّة المستكرهة.

فإن قيل: فكيف يجوز الاشتقاق من الحروف؟.

قيل: قد اشتق منها فى غير موضع، قالوا: سألنى حاجة، فلا ليت له، أى: قلت له: لا. وسألتك حاجة، فلو ليت لى، أى: قلت: لولا. وقالوا: حاحيت، وعاعيت، وهاهيت، فاشتقوا من حاء وعاء، وهاء، وهن أصوات، والأصوات للحروف أخوات، وما أكثر ذلك!.

***


(١) وقراءة: أبى هشام. انظر: (الكشاف ٢١٠/ ٤، البحر المحيط ٤١٥/ ٨، الرازى ٢٢/ ٣١، القرطبى ١٨٥/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>