للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَمَا قَالَ: {خَلَقْتُ بِيَدَىَّ} . وَكَمَا قَالَ: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} إِلَى أَنْ قَالَ فِي كَلَامِهِ هَذَا، بَعْدَ أَنْ سَرَدَ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. مَا نَصُّهُ: فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَا يَأْمُرُونَ بِهِ وَيَسْتَعْمِلُونَهُ وَيَرَوْنَهُ، وَبِكُلِّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِهِمْ نَقُولُ وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ، وَمَا تَوْفِيقُنَا إِلَّا بِاللَّهِ، وَهُوَ حَسَبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، وَبِهِ نَسْتَعِينُ، وَعَلَيْهِ نَتَوَكَّلُ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ، هَذَا لَفْظُ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ الْمَقَالَاتِ الْمَذْكُورِ.

وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ يُؤْمِنُ بِكُلِّ مَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ وَمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرُدُّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا وَلَا يَنْفِيهِ بَلْ يُؤْمِنُ بِهِ وَيُثْبِتُهُ لِلَّهِ، بِلَا كَيْفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ.

وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْمَقَالَاتِ الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ:

وَقَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ: لَيْسَ بِجِسْمٍ (١) وَلَا يُشْبِهُ الْأَشْيَاءَ وَإِنَّهُ على الْعَرْش كَمَا قَالَ عز وَجل: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وَلَا نُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فِي الْقَوْلِ بَلْ نَقُولُ: اسْتَوَى بِلَا كَيْفٍ، ثُمَّ أَطَالَ الْكَلَامَ رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ كَمَا قَدَّمْنَا عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ مَا نَصُّهُ وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: إِنَّ اللَّهَ اسْتَوَى على عَرْشه بِمَعْنى استولى. اهـ. مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ.


(١) - قَالَ شَيخنَا أَبُو الْهَيْثَم إِبْرَاهِيم بن زَكَرِيَّا - حفظه الله -: [إِطْلَاق لفظ "الْجِسْم " على الله - عزوجل - أول من أطلقهُ هِشَام بن الحكم الرافضي، وَأول من نَفَاهُ: الجهم بن صَفْوَان، وَنحن لَا ننفي الْجِسْم، وَلَا نثبته، بل نستفصل عَن المُرَاد بِهِ] فَمَا كَانَ مُوَافقا للْكتاب، وَالسّنة قُبِلَ، وَمَا كَانَ فِيهَا من الْمعَانِي الْمُخَالفَة للْكتاب وَالسّنة رُدَّ، وَمَا قيل عَن الْجِسْم يُقَال على جَمِيع الْأَلْفَاظ المحتملة الَّتِي لم ترد فِي الْكتاب وَلَا فِي السّنة، مثل: الْجَوْهَر، وَالْعرض، والأبعاض، وَالْحُدُود، والجهات، وحلول الْحَوَادِث، وَغَيرهَا، وَانْظُر مَجْمُوع الْفَتَاوَى (١٢/٥٥١) ، (١٦/٤٢٦) ، (١٧/٣٠٦) ، وَغَيرهَا من الْمَوَاضِع، وَانْظُر تَعْلِيق ابْن سحمان على اللوامع (١/١٨٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>