للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثالث: أنه ظهار، وفيه كفارة الظهار:

قال ابن القيم (١): " صحَّ ذلك عن ابن عباس أيضاً وأبي قلابة، وسعيد بن جبير، ووهب بن منبه، وعثمان التيمي، وهو إحدى الروايات عن الإمام أحمد".

وحجة هذا القول: "أن الله تعالى جعل تشبيه المرأة بأمه المحرمة عليه ظهاراً، وجعله منكراً من القول وزوراً، فإذا كان التشبيه بالمحرمة يجعله مظاهراً؛ فإذا صرح بتحريمها كان أولى بالظهار.

وهذا أقيس الأقوال وأفقهها" (٢).

ورجحه من المعاصرين العلامة محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان (٣).

القول الرابع: أنه راجع إلى نيتة إن نوى به الطلاق كان طلاقاً، وإن نوى به الظهار كان ظهاراً، وإ ن نوى به اليمين كان يميناً وتجب فيه كفارة يمين، وإن لم ينو شيئاً فعليه كفارة يمين (٤).

قال ابن حجر: " وبهذا قال النخعي، والشافعي، وإسحاق وروى نحوه عن ابن مسعود، وابن عمر، وطاووس (٥) وهو قول الزهري، ورواية عن الحسن كما في الفتح عنه في الحرام إن نوى يميناً فيمين وإن طلاقاً فطلاق" (٦).

قال ابن القيم: "وحجة هذا القول أن اللفظ صالح لذلك كله فلا يتبين واحد منهما إلا بالنية. أيضاً أنه كناية في الطلاق فإن نواه كان طلاقاً، وإن لم ينوه كان يميناً لقوله تعالى: (يَأَيّهَا النّبِيّ لِمَ تُحَرّمُ مَآ أَحَلّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ) إلى قوله تعالى: (. . . تَحِلّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [التحريم: ١، ٢] " (٧).

وهذا القول هو الذي يفتي به فضيلة شيخنا القاضي العلامة/ محمد بن إسماعيل العمراني حفظه الله.

وللعلماء مذاهب كثيرة في المسألة كما أسلفت فمنهم من جعله طلاقاً رجعياً، ومنهم من جعله طلاقاً بائناً، ومنهم من قال قد حرمت عليه بمقتضى تحريمه، ومنهم من توقف فيه، ومنهم من قال غير ذلك. وقد اقتصرت على المذاهب الأربعة السابقة لقوة ما استدل به أصحابها ولأن هذا الكتاب مبني على الاختصار.

سبب خلاف العلماء في هذه المسألة: -


(١) أعلام الموقعين، (٢/ ٨١).
(٢) أضواء البيان (٦/ ٥٣٩).
(٣) السراج الوهاج، (٣٠٧).
(٤) فتح الباري، (٩/ ٤٦١).
(٥) فتح الباري، (٩/ ٤٦١).
(٦) إعلام الموقعين (٢/ ٨١).
(٧) نيل الأوطار (٦/ ٣١٤).

<<  <   >  >>