مِنْ أَوَّلِ التَّكْبِيرِ إلَى آخِرِهِ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلنِّيَّةِ فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْعُسْرِ الْمُوجِبِ لِلْوَسْوَاسِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ تُجْزِئُ نِيَّةٌ فَرْدَةٌ مَقْرُونَةٌ بِالتَّكْبِيرِ كَمَا تُجْزِئُ فِي الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالِاعْتِكَافِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ نِيَّةٌ فَرْدَةٌ، وَلَيْسَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ مَعَ التَّكْبِيرِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ نَصًّا فِي بَسْطِ النِّيَّةِ عَلَى التَّكْبِيرِ، لِأَنَّ اسْمَ الشَّيْءِ يُطْلَقُ عَلَى ابْتِدَائِهِ وَعَلَى انْتِهَائِهِ كَمَا يُطْلَقُ لَفْظُ الصَّلَاةِ عَلَى أَوَّلِ أَجْزَائِهَا وَعَلَى آخِرِ أَجْزَائِهَا كَمَا فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَكَذَلِكَ يُطْلَقُ لَفْظُ التَّكْبِيرِ عَلَى أَوَّلِ أَجْزَائِهِ وَهُوَ الْهَمْزَةُ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا يُتَصَوَّرُ بَسْطُ النِّيَّةِ لِأَنَّهَا عَرْضُ فَرْدٍ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْبَسْطُ، وَإِنَّمَا يُبْسَطُ الْعِلْمُ بِالنِّيَّةِ وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْعِلْمَ عَرَضٌ لَا يُتَصَوَّرُ الْغَرَضُ مِنْهُ كَمَا لَا يُتَصَوَّرُ بَسْطُ الْغَرَضِ مِنْ النِّيَّةِ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى.
يَبْسُطُهَا تَكْرِيرُهَا بِتَوَالِي أَمْثَالِهَا.
فَصْلٌ فِي قَطْعِ النِّيَّةِ فِي أَثْنَاءِ الْعِبَادَةِ وَإِذَا قَطَعَ نِيَّةَ الْعِبَادَةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِانْقِطَاعِ النِّيَّةِ الْمُسْتَصْحِبَةِ كَمَا يَبْطُلُ الْإِيمَانُ الْمُسْتَصْحِبُ بِطَرَيَانِ ضِدٍّ مِنْ أَضْدَادِهِ.
وَلَوْ قَطَعَ نِيَّةَ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ لَمْ يَبْطُلْ حَجُّهُ وَلَا عُمْرَتُهُ، وَإِنْ قَطَعَ نِيَّةَ الصِّيَامِ بَطَلَ عَلَى الْأَصَحِّ، فَأَحْكَامُ النِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ أَغْلَظُ مِنْ أَحْكَامِهَا فِي النُّسُكِ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ نَوَى شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ أَوْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يُحْكَمْ بِانْعِقَادِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ نِيَّتِهِ، وَلَوْ تَرَدَّدَ أَيَسْتَمِرُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ أَمْ يَخْرُجُ مِنْهَا لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ مِنْ صَوْمِهِ وَلَا مِنْ نُسُكِهِ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَلَوْ تَرَدَّدَ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي أَثْنَاءِ الْعِبَادَةِ أَنَّهُ نَوَى فِي أَوَّلِهَا صَحَّ صَوْمُهُ وَنُسُكُهُ.
وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَإِنْ فَعَلَ فِي حَالِ شَكِّهِ رُكْنًا لَا يُزَادُ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاةِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute