الْعِبَادَاتِ وَالطَّاعَاتِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ أَوْ فِي غَالِبِ الْأَوْقَاتِ، وَلَفَاتَ مَا رُتِّبَ عَلَيْهَا مِنْ الْمَثُوبَاتِ الْبَاقِيَاتِ مَا دَامَتْ الْأَرْضُ وَالسَّمَوَاتُ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: مَشَقَّةٌ تَنْفَكُّ عَنْهَا الْعِبَادَاتُ غَالِبًا، وَهِيَ أَنْوَاعٌ
النَّوْعُ الْأَوَّلُ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ فَادِحَةٌ كَمَشَقَّةِ الْخَوْفِ عَلَى النُّفُوسِ وَالْأَطْرَافِ وَمَنَافِعِ الْأَطْرَافِ فَهَذِهِ مَشَقَّةٌ مُوجِبَةٌ لِلتَّخْفِيفِ وَالتَّرْخِيصِ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الْمُهَجِ وَالْأَطْرَافِ لِإِقَامَةِ مَصَالِحِ الدَّارَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْرِيضِهَا لِلْفَوَاتِ فِي عِبَادَةٍ أَوْ عِبَادَاتٍ ثُمَّ تَفُوتُ أَمْثَالُهَا.
النَّوْعُ الثَّانِي مَشَقَّةٌ خَفِيفَةٌ كَأَدْنَى وَجَعٍ فِي إصْبَعٍ أَوْ أَدْنَى صُدَاعٍ أَوْ سُوءِ مِزَاجٍ خَفِيفٍ، فَهَذَا لَافِتَةٌ إلَيْهِ وَلَا تَعْرِيجَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ مَصَالِحِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ دَفْعِ مِثْلِ هَذِهِ الْمَشَقَّةِ الَّتِي لَا يُؤْبَهُ لَهَا.
النَّوْعُ الثَّالِثُ مَشَّاقٌ وَاقِعَةٌ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَشَقَّتَيْنِ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْخِفَّةِ وَالشِّدَّةِ فَمَا دَنَا مِنْهَا مِنْ الْمَشَقَّةِ الْعُلْيَا أَوْجَبَ التَّخْفِيفَ، وَمَا دَنَا مِنْهَا مِنْ الْمَشَقَّةِ الدُّنْيَا لَمْ يُوجِبْ التَّخْفِيفَ إلَّا عِنْدَ أَهْلِ الظَّاهِرِ، كَالْحُمَّى الْخَفِيفَةِ وَوَجَعِ الضِّرْسِ الْيَسِيرِ وَمَا وَقَعَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الرُّتْبَتَيْنِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْحِقُهُ بِالْعُلْيَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْحِقُهُ بِالدُّنْيَا، فَكُلَّمَا قَارَبَ الْعُلْيَا كَانَ أَوْلَى بِالتَّخْفِيفِ، وَكُلَّمَا قَارَبَ الدُّنْيَا كَانَ أَوْلَى بِعَدَمِ التَّخْفِيفِ، وَقَدْ تَوَسَّطَ مَشَاقُّ بَيْنَ الرُّتْبَتَيْنِ بِحَيْثُ لَا تَدْنُو مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهَا، وَقَدْ يُرَجَّحُ بَعْضُهَا بِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا، وَذَلِكَ كَابْتِلَاعِ الدَّقِيقِ فِي الصَّوْمِ، وَابْتِلَاعِ غُبَارِ الطَّرِيقِ، وَغَرْبَلَةِ الدَّقِيقِ لَا أَثَرَ لَهُ لِشِدَّةِ مَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ مِنْهَا وَلَا يُعْفَى عَمَّا عَدَاهَا مِمَّا تَخِفُّ الْمَشَقَّةُ فِي الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَفِي مَا بَيْنَهُمَا كَابْتِلَاعِ مَاءِ الْمَضْمَضَةِ مَعَ الْغَلَبَةِ اخْتِلَاقٌ لِوُقُوعِهِ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute