فَإِنْ قِيلَ: مَا مَعْنَى وقَوْله تَعَالَى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: ٥] فَالْجَوَابُ أَنَّ الْحَسَدَ الْحُكْمِيَّ لَا يَضُرُّ الْمَحْسُودَ لِغَفْلَةِ الْحَاسِدِ عَنْهُ، وَالْحَسَدُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ الْحَاثُّ عَلَى أَذِيَّةِ الْمَحْسُودِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ} [الفلق: ٥] صَالِحٍ لِلْحَسَدِ الْحُكْمِيِّ وَالْحَقِيقِيِّ قَالَ: {إِذَا حَسَدَ} [الفلق: ٥] تَخْصِيصًا لِلْحَسَدِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ الْأَذَى بِالِاسْتِعَاذَةِ فَإِنَّ الْحُكْمِيَّ لَا ضَرَرَ فِيهِ.
الْمِثَالُ التَّاسِعُ: صَوْمُ الْمُتَطَوِّعِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إذَا نَوَاهُ قَبْلَ الزَّوَالِ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَرَاهُ صَائِمًا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ.
الْمِثَالُ الْعَاشِرُ: إذْ بَاعَ سَارِقًا فَقُطِعَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَفِي تَقْدِيرِ الْقَطْعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ مَذْهَبَانِ، فَإِنْ قُدِّرَ قَطْعُهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ ثَبَتَ الرَّدُّ لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا.
الْمِثَالُ الْحَادِيَ عَشَرَ: إذَا بَاعَ عَبْدًا مُرْتَدًّا فَقُتِلَ بِالرِّدَّةِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَفِي تَقْدِيرِ الْقَتْلِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَجْهَانِ، فَإِنْ قَدَّرْنَاهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَرَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَا.
الْمِثَالُ الثَّانِي عَشَرَ: الذِّمَمُ وَهِيَ تَقْدِيرُ أَمْرِ الْإِنْسَانِ يَصْلُحُ لِلِالْتِزَامِ وَالْإِلْزَامُ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقٍ لَهُ.
الْمِثَالُ الثَّالِثَ عَشَرَ: الدُّيُونُ فَإِنَّهَا تُقَدَّرُ مَوْجُودَةً فِي الذِّمَمِ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقٍ لَهَا وَلَا لِمَحِلِّهَا، وَيَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِهَا وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهَا، وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ وُجُودُهَا لَمَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي مَعْدُومٍ، وَلَا يُقَالُ إنَّمَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهَا لِأَنَّهَا تُفْضَى إلَى الْوُجُودِ بِقَبْضِهَا، فَإِنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ عَلَى غَنِيٍّ مَلِيٍّ وَفِي مُقِرٍّ حَاضِرٍ يَدْفَعُهُ مَتَى طُولِبَ بِهِ وَمَضَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالٌ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ ثُمَّ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَوْتِ الْمَدِينِ مُعْسِرًا فَإِنَّ مَالِكَهُ يُطَالَبُ بِزَكَاةِ مَا مَضَى وَإِنْ لَمْ يُفِضْ أَمْرُهُ إلَى التَّحَقُّقِ وَالْوُجُودِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute