الْمِثَالُ الرَّابِعَ عَشَرَ: تَقْدِيرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ مَلَكَ نِصَابًا مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا عُرُوضًا لِلتِّجَارَةِ وَمَضَى عَلَى الْعُرُوضِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَلْزَمُهُ تَقْدِيرًا لِبَقَاءِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي الْعُرُوضِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْعَرَضَ لِلتِّجَارَةِ بِمَا لَا زَكَاةَ فِيهِ فَإِنَّا نُقَدِّرُ نَقْدَ الْبَلَدِ فِي النِّصَابِ.
الْمِثَالُ الْخَامِسَ عَشَرَ: تَقْدِيرُ الْمِلْكِ فِي الْمَمْلُوكَاتِ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَمْرًا حَقِيقِيًّا قَائِمًا بِالْمَمْلُوكِ؛ وَإِنَّمَا هُوَ مُقَدَّرٌ فِيهِ لِتُجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ، وَكَذَلِكَ الرِّقُّ وَالْحُرِّيَّةُ مُقَدَّرَانِ فِي الْأَحْرَارِ وَلَيْسَا بِصِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ لِلْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ، وَإِنَّمَا رَجَعَ الْمِلْكُ وَالرِّقُّ وَالْحُرِّيَّةُ إلَى تَعَلُّقِ أَحْكَامٍ مَخْصُوصَةٍ بِهَذِهِ الْمُحَالِ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجِيَّةُ فِي الزَّوْجَيْنِ أَمْرٌ مُقَدَّرٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ.
وَأَمَّا إعْطَاءُ الْمَوْجُودِ حُكْمَ الْمَعْدُومِ فَلَهُ مِثَالَانِ - أَحَدُهُمَا وُجُودُ الْمَاءِ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُسَافِرُ لِعَطَشِهِ أَوْ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ، أَوْ لِنَفَقَةِ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ، أَوْ لِزِيَادَةِ ثَمَنِهِ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ، أَوْ بِهِبَةِ ثَمَنِهِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ مَعْدُومًا مَعَ وُجُودِهِ.
الْمِثَالُ الثَّانِي: وُجُودُ الْمُكَفِّرِ الرَّقَبَةُ مَعَ احْتِيَاجِهِ إلَيْهَا وَاعْتِمَادُهُ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تُقَدَّرُ مَعْدُومَةً لِيَنْتَقِلَ إلَى بَدَلِهَا.
وَمِنْ التَّقْدِيرَاتِ: إعْطَاءُ الْمُتَأَخِّرِ حُكْمَ الْمُتَقَدِّمِ كَمَنْ رَمَى سَهْمًا أَوْ دَهْوَرَ حَجَرًا ثُمَّ مَاتَ فَأَصَابَا بَعْدَ مَوْتِهِ شَيْئًا فَأَفْسَدَاهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ تَقْدِيرًا لِإِفْسَادِهِ قُبَيْلَ مَوْتِهِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مَحَلٍّ عُدْوَانًا فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَجَبَ ضَمَانُهُ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ تَرِكَةٌ صُرِفَتْ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ أَتْلَفَهَا الْوَرَثَةُ لَزِمَهُمْ ضَمَانُهَا وَتُصْرَفُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ شَيْئًا بَقِيَتْ الظَّلَّامَةُ إلَى الْقِيَامَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute