وَكَذَلِكَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الطَّبْخِ وَالْخُبْزِ يُحْمَلُ عَلَى إنْضَاجِ الْمِثْلِ دُونَ مَا تَجَاوَزَهُ أَوْ قَصَرَ عَنْهُ، فَإِذَا تَرَكَ الْخُبْزَ فِي التَّنُّورِ عَلَى مَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي مِثْلِهِ فَاتَّفَقَ أَنَّهُ احْتَرَقَ لَمْ يَلْزَمْهُ الضَّمَانُ تَنْزِيلًا لِمُقْتَضَى الْعُرْفِ مَنْزِلَةَ صَرِيحِ اللَّفْظِ، وَلَوْ صَرَّحَ لَهُ ذَلِكَ بِلَفْظِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانٌ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِإِذْنِهِ، فَكَذَلِكَ الْإِتْلَافُ بِالْإِذْنِ الْعُرْفِيِّ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْإِتْلَافِ بِالْإِذْنِ اللَّفْظِيِّ.
وَكَذَلِكَ حَمْلُ إجَارَةِ الدَّوَابِّ عَلَى الْيَسِيرِ الْمُعْتَادِ وَالْمَنَازِلِ الْمُعْتَادَةِ، وَكَذَلِكَ دُخُولُ حَمْلِ الْأَمْتِعَةِ وَالْبَسْطِ وَأَوَانِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى الدَّوَابِّ إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ لِلرُّكُوبِ فِي الْأَسْفَارِ لِإِطْرَادِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلتَّرَدُّدِ فِي الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ.
وَكَذَلِكَ دُخُولُ مَاءِ الْآبَارِ وَالْأَنْهَارِ فِي عُقُودِ الْإِجَارَاتِ وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِتَبَعِيَّتِهِ، وَكَذَلِكَ حَمْلُ إجَارَةِ الْخِدْمَةِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِالْمُسْتَأْجِرِ الْمَخْدُومِ فِي رُتْبَتِهِ وَمَنْصِبِهِ وَقَدْرِ حَالِهِ
وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْحِبْرِ عَلَى النَّاسِخِ، وَالْخَيْطِ عَلَى الْخَيَّاطِ لِاضْطِرَابِ الْعُرْفِ فِيهِ.
وَكَذَلِكَ مَا يُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنَافِعِ بِحُكْمِ الْعُرْفِ كَأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ، وَأَوْقَاتِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَقَضَاءِ الْحَاجَاتِ وَاللَّيْلِ فَإِنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ مُدَّةِ الِاسْتِئْجَارِ لِلْخِدْمَةِ، إلَّا الْأَوْقَاتَ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِاسْتِخْدَامِ فِيهَا فَإِنَّ الْأَلْفَاظَ مُنَزَّلَةٌ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ صُرِّحَ بِهَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ دَلَالَةَ الْعُرْفِ عَلَيْهَا كَدَلَالَةِ اللَّفْظِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْعِبَادَةِ خُرُوجُ الْمُعْتَكِفِ مِنْ مُعْتَكَفِهِ فِي أَوْقَاتِ قَضَاءِ الْحَاجَاتِ، حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ أَعْتَكِفُ شَهْرًا إلَّا أَوْقَاتَ قَضَاءِ الْحَاجَاتِ.
وَإِذَا وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ كَانَ عَمَلُ الْأَجِيرِ مَحْمُولًا عَلَى الْمُتَوَسِّطِ فِي الْعُرْفِ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ عَلَى الْعَادَةِ فِي التَّبَاطُؤِ وَالْإِسْرَاعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute