للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْسَ هَذَا اسْتِثْنَاءً عَلَى الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّ تَكْلِيفَهُ قَدْ انْقَطَعَ بِمَوْتِهِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ تَكْلِيفٌ لِمَنْ يَتَوَلَّاهُ مِنْ الْأَحْيَاءِ.

وَفِي ارْتِفَاعِ الْإِحْدَادِ بِمَوْتِ الْمُعْتَدَّةِ خِلَافٌ.

الْمِثَالُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: الِانْتِفَاعُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إلَّا رُكُوبَ الْهَدْيِ الْمَنْذُورِ لِلْفُقَرَاءِ، وَدَرْءِ الْفَاضِلِ عَنْ وَلَدِهِ، وَكَذَلِكَ قَدْرُ الزَّكَاةِ مِنْ النَّعَمِ فَإِنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ جَائِزٌ، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِلْكًا لِلْفُقَرَاءِ.

الْمِثَالُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: مَنْ نَذَرَ قُرْبَةً لَزِمَهُ الْقِيَامُ بِمَا نَذَرَ إلَّا نَذْرَ اللَّجَاجِ فَإِنَّهُ لَمَّا جَعَلَ الْمُلْتَزِمَ بِالنَّذْرِ حَاثًّا عَلَى الْفِعْلِ أَوْ زَاجِرًا عَنْهُ أَشْبَهَ الْيَمِينَ فَيَتَخَيَّرُ عَلَى قَوْلٍ بَيْنَ الْقِيَامِ بِمَا نَذَرَهُ، وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ، وَتَتَعَيَّنُ الْكَفَّارَةُ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ» .

الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ: مَنْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَحَجَّ رَاكِبًا أَوْ أَنْ يَحُجَّ رَاكِبًا فَحَجَّ مَاشِيًا فَقَدْ بَنَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ هُوَ الْمَشْيُ أَوْ الرُّكُوبُ وَبَرَّأَهُ بِالْأَفْضَلِ مِنْهُمَا، وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَبْرَأُ مِنْ الْفَاضِلِ مِنْهُمَا عَنْ الْمَفْضُولِ، لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّ الْمَشْيَ لَا يُجَانِسُ الرُّكُوبَ.

وَأَمَّا مَا خَالَفَ الْقِيَاسَ فِي الْمُعَاوَضَاتِ وَغَيْرِهَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ فَلَهُ أَمْثِلَةٌ: أَحَدُهَا: أَنَّ الرِّضَا شَرْطٌ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّدَ رِضَا الْمُتَصَرِّفِ وَالْعَامِلِ وَرِضَا نَائِبِهِمَا فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَتَصَرَّفُ فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْقَابِلَةِ لِلنِّيَابَةِ مَعَ غَيْبَتِهِ أَوْ امْتِنَاعِهِ عَلَى كُرْهٍ مِنْهُمْ إيصَالًا لِلْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَنَفْعًا لِلْمُمْتَنِعِ بِبَرَاءَتِهِ مِنْ الْحَقِّ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأُسَيْفِعِ جُهَيْنَةَ، وَلَا بُدَّ لِهَذَا الرِّضَا مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْإِنْسَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>