مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ كَاعْتِدَالِ خَلْقِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَقْتَدِي بِهِ فِي اجْتِنَابِ التَّنْقِيصِ عَنْ الْمُدِّ وَالصَّاعِ.
الْحَالُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ ضَئِيلًا لَطِيفَ الْخَلْقِ بِحَيْثُ يُعَادِلُ جَسَدُهُ بَعْضَ جَسَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مِنْ الْمَاءِ مَا تَكُونُ نِسْبَتُهُ إلَى جَسَدِهِ كَنِسْبَةِ الْمُدِّ وَالصَّاعِ إلَى جَسَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
الْحَالُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ مُتَفَاحِشَ الْخَلْقِ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَعَظْمِ الْبَطْنِ وَفَخَامَةِ الْأَعْضَاءِ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ مِقْدَارٍ تَكُونُ نِسْبَتُهُ إلَى بَدَنِهِ كَنِسْبَةِ الْمُدِّ وَالصَّاعِ إلَى بَدَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ مُفْرِدًا وَمُثَنِّيًا وَمُثَلِّثًا، وَقَالَ وَهَذَا وُضُوئِي، وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، وَوُضُوءُ خَلِيلِي إبْرَاهِيمَ، فَمَنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ» .
وَلَفْظُهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الطُّهُورُ؟ فَدَعَا بِمَاءٍ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ أَدْخَلَ إصْبَعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ فِي أُذُنِهِ وَمَسَحَ إبْهَامَهُ عَلَى ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ وَبِالسِّبَابَتَيْنِ بَاطِنَ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا الْوُضُوءُ؛ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ - أَوْ ظَلَمَ وَأَسَاءَ» - وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ؛ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ نَقَصَ عَنْ الْمَرَّةِ فَقَدْ أَسَاءَ وَمَنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فَإِنْ كَانَ قَاصِدًا لِلْقُرْبَةِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ فَقَدْ أَسَاءَ لِتَقَرُّبِهِ إلَى الرَّبِّ بِمَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ تَبَرُّدًا أَوْ تَنَظُّفًا بِالْمَاءِ الْحَارِّ أَوْ تَدَاوِيًا، فَإِنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهَا فَقَدْ أَسَاءَ بِتَفْرِيقِ الْوُضُوءِ لَا بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute