وَمِنْهَا الِاقْتِصَادُ فِي الْمَوَاعِظِ: «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَحَوَّلُ أَصْحَابُهُ بِالْمَوْعِظَةِ مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْهِمْ» ، وَالْمَوَاعِظُ إذَا كَثُرَتْ لَمْ تُؤْثِرْ فِي الْقُلُوبِ فَيَسْقُطُ بِالْإِكْثَارِ فَائِدَةُ الْوَعْظِ.
وَمِنْهَا الِاقْتِصَادُ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ السَّرَفِ فِيهِ، وَقَالَ: «خُذُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَوَاَللَّهِ لَا يَسْأَمُ اللَّهُ حَتَّى تَسْأَمُوا» .
وَمِنْهَا الِاقْتِصَادُ فِي الْعُقُوبَاتِ وَالْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرَاتِ فَيُعَاقَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْجُنَاةِ عَلَى حَسَبِ قُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ، وَكَذَلِكَ رَجْمُ الزُّنَاةِ لَا يُرْجَمُ بِحَصَيَاتٍ وَلَا بِصَخَرَاتٍ وَإِنَّمَا يُضْرَبُ بِحَجَرٍ لَطِيفٍ يُرْجَمُ بِمِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ، وَكَذَلِكَ الِاقْتِصَادُ فِي الضَّرْبِ لَا يُبَالَغُ فِيهِ إلَى سَفْحِ الدَّمِ، وَلَا يُضْرَبُ ضَرْبًا لَا أَثَرَ لَهُ فِي الزَّجْرِ وَالرَّدْعِ، بَلْ يَكُونُ ضَرْبُهُ بَيْنَ ضَرْبَيْنِ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ سَوْطُ الضَّرْبِ بَيْنَ سَوْطَيْنِ، لَيْسَ بِحَدِيدٍ يَقْطَعُ الْجُلُودَ وَلَا بِبَالٍ لَا يُحَصِّلُ الْمَقْصُودَ، وَكَذَلِكَ الزَّمَنُ يَكُونُ بَيْنَ زَمَانَيْنِ كَزَمَنَيْ الرَّبِيعِ وَالْخَرِيفِ دُونَ زَمَنَيْ الْحَرِّ الشَّدِيدِ وَالْبَرْدِ الشَّدِيدِ، وَهَذَا الِاقْتِصَادُ فِي الضَّرْبِ وَالسَّوْطُ جَارٍ فِي ضَرْبِ الرَّقِيقِ وَالصِّبْيَانِ وَالْبَهَائِمِ وَالنِّسْوَانِ عِنْدَ التَّأْدِيبِ وَالرِّيَاضَةِ وَالنُّشُوزِ.
وَمِنْهَا الِاقْتِصَادُ فِي الدُّعَاءِ، لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى أَدْعِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا اخْتِيَارُ الْأَدْعِيَةِ، فَنُقِلَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَوَاتٌ مُخْتَصَرَاتٌ جَامِعَاتٌ، وَعِلَّةُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَنَا بِالتَّضَرُّعِ وَالْخُفْيَةِ فِي الدُّعَاءِ، وَلَا يَحْضُرُ ذَلِكَ غَالِبًا إلَّا بِالتَّكَلُّفِ، وَإِذَا أَطَالَ الدُّعَاءَ عَزَبَ التَّضَرُّعُ وَالْإِخْفَاءُ وَذَهَبَ أَدَبُ الدُّعَاءِ، وَقَدْ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَكُونَ دُعَاءُ التَّشَهُّدِ دُونَ قَدْرِ التَّشَهُّدِ.
وَمِنْهَا الْجَهْرُ بِالْكَلَامِ لَا يُخَافِتُ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ حَاضِرُوهُ، وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute