للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالسَّاكِنِ، وَالِاعْتِبَارُ إنَّمَا هُوَ بِالسَّاكِنِينَ دُونَ الْمَسَاكِنِ، فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ قَدْ سَكَنُوا بُطُونَ أُمَّهَاتِهِمْ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْ أُمَّهَاتِهِمْ.

نَفْسُ عِصَامٍ سَوَّدَتْ عِصَامًا

فَرُوحُ الْمَسِيحِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَفْضَلُ مِنْ جَسَدِ مَرْيَمَ، وَكَذَلِكَ رُوحُ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَفْضَلُ مِنْ جَسَدِ أُمِّهِ.

وَأَمَّا مَنْ كَفَرَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُؤْمِنَاتِ فَهُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ، وَمَسَاكِنُهُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، فَإِذَا حَمَلَتْ مُؤْمِنَةٌ بِكَافِرٍ كَانَ جَسَدُهَا خَيْرًا مِنْ رُوحِهِ، إذْ قَامَ بِرُوحِهِ أَخَسُّ الصِّفَاتِ وَهُوَ الْكُفْرُ بِرَبِّ الْأَرْضِينَ وَالسَّمَوَاتِ.

فَإِنْ قِيلَ أَيْنَ مَحَلُّ الْأَرْوَاحِ مِنْ الْأَجْسَادِ؟ قُلْنَا فِي كُلِّ جَسَدٍ رُوحَانِ: إحْدَاهُمَا: رُوحُ الْيَقَظَةِ، وَهِيَ الرُّوحُ الَّتِي أَجْرَى اللَّهُ الْعَادَةَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي الْجَسَدِ كَانَ الْإِنْسَانُ مُسْتَيْقِظًا، فَإِذَا خَرَجَتْ مِنْ الْجَسَدِ نَامَ الْإِنْسَانُ وَرَأَتْ تِلْكَ الرُّوحُ الْمَنَامَاتِ إذَا فَارَقَتْ الْجَسَدَ، فَإِنْ رَأَتْهَا فِي السَّمَوَاتِ صَحَّتْ الرُّؤْيَا فَلَا سَبِيلَ لِلشَّيَاطِينِ إلَى السَّمَوَاتِ، وَإِنْ رَأَتْهَا دُونَ السَّمَاءِ كَانَ مِنْ إلْقَاءِ الشَّيَاطِينِ وَتَحْرِيفِهِمْ، فَإِذَا رَجَعَتْ هَذِهِ الرُّوحُ إلَى الْإِنْسَانِ يَسْتَيْقِظُ الْإِنْسَانُ كَمَا كَانَ.

الرُّوحُ الثَّانِيَةُ: رُوحُ الْحَيَاةِ وَهِيَ الرُّوحُ الَّتِي أَجْرَى اللَّهُ الْعَادَةَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي الْجَسَدِ كَانَ حَيًّا، فَإِذَا فَارَقَتْهُ مَاتَ الْجَسَدُ فَإِذَا رَجَعَتْ إلَيْهِ حَيِيَ.

وَهَاتَانِ الرُّوحَانِ فِي بَاطِنِ الْإِنْسَانِ لَا يَعْرِفُ بَاطِنَ مُقِرِّهِمَا إلَّا مَنْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ، فَهُمَا كَجَنِينَيْنِ فِي بَطْنِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ يَكُونُ فِي بَطْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>