أبي الإسلامُ لا أبَ لي سِواه ... إذا افتخروا بقيس أو تميم
{أَقْسَطُ} أعدلُ يقال: أقسط الرجلُ إذا عدل، وقسطَ إذا ظلم، والقسطُ: العدلُ. {مَسْطُوراً} أي مسطَّراً مكتوباً لا يُمحى. {مِيثَاقَهُمْ} الميثاقُ: العهد المؤكد بيمين أو نحوه. {الحناجر} جمع حنْجرة وهي نهاية الحلقوم مدخل الطعام والشراب. {يَثْرِبَ} اسم المدينة المنورة وسماها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ طيبة. {عَوْرَةٌ} خالية من الرجال غير محصَّنة يقال: دارً مُعْورة إذا كان يسهل دخولها، قال الجوهري: العَوْرة كلُّ خلل يُتخوف منه في ثغر أو حرب. {أَقْطَارِهَا} جمع قُطْر وهو الناحية والجانب. {يَعْصِمُكُمْ} يمنعكم. {المعوقين} المثبطين مشتق من عاقة إذا صرفه.
سَبَبَ النّزول: أ - روي أن رجلاً من قريش يُدعى «جميل بن مَعْمر» كان لبيباً حافظاً لما يسمع فقالت قريش: ما حفظ هذه الأشياء إلا وله قلبان في جوفه فأنزل الله {مَّا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ. .} الآية.
ب - وروي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما أراد غزوة تبوك أمر الناس بالتجهز والخروج لها، فقال أناس: نستأذن آباءنا وأمهاتنا فأنزل الله {النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ. .} الآية.
التفسِير:{ياأيها النبي اتق الله} النداء على سبيل التشريف والتكرمة لأن لفظ النبوة مُشعر بالتعظيم والتكريم أي اثبتْ على تقوى الله ودُمْ عليها، قال أبو السعود: في ندائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعنوان النبوة تنويهٌ بشأنه، وتنبيهٌ على سمو مكانه، والمراد بالتقوى المأمور به الثباتُ عليه والازديادُ منه، فإنَّ له باباً واسعاً ومكاناً عريضاً لا ينال مداه {وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين} أي ولا تطع أهل الكفر والنفاق فيما يدعونك إليه من اللين والتساهل، وعدم التعرض لآلهتهم بسوء، ولا تقبل أقوالهم وإن أظهروا أنها نصيحة، قال المفسرون: دعا المشركون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يرفض ذكر آلهتهم بسوء، وأن يقول إن لها شفاعة، فكره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ذلك ونزلت الآية {إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} أي إنه تعالى عالم بأعمال العباد وما يضمرونه في نفوسهم، حكيم في تدبير شؤونهم {واتبع مَا يوحى إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ} أي واعمل بما يوحيه إليك ربك من الشرع القويم، والدين الحكيم، واستمسك بالقرآن المنزل عليك {إِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} أي خبير بأعمالكم لا تخفى عليه خافية من شؤونكم، وهو مجازيكم عليها {وَتَوَكَّلْ على الله} أي اعتمد عليه، والجأ في أمورك إليه {وكفى بالله وَكِيلاً} أي حسبك أن يكون الله حافظاً وناصرا لك ولأصحابك، ثم ردَّ تعالى مزاعم الجاهليين ببيان الحق الساطع فقال:{مَّا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} أي ما خلق الله لأحدٍ من الناس أياً كان قلبين في صدره،