المنَاسَبَة: بعد أن ذكّرهم تعالى بالنعم، بيَّن لوناً من ألوان طغيانهم وجحودهم، وتبديلهم لأوامر الله، وهم مع الكفر والعصيان، يعاملون باللطف والإِحسان، فما أقبحهم من أمة وما أخزاهم!! قال الطبري: لما تاب بنو إِسرائيل من عبادة العجل أمر الله تعالى موسى أن يختار من قومه رجالاً يعتذرون، إِليه من عبادتهم العجل، فاختار موسى سبعين رجلاً من خيارهم كما قال تعالى {واختار موسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا}[الأعراف: ١٥٥] وقال لهم: صوموا وتطهروا وطهّر ثيابكم ففعلوا، وخرج بهم إلى «طور سيناء» فقالوا لموسى: اطلب لنا أن نسمع كلام ربنا فقال: افعل، فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه الغمام حتى تغشى الجبل كله، ودنا القوم حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجوداً، فسمعوا الله يكلم موسى يأمره وينهاه، فلما انكشف عن موسى الغمام أقبل إِليهم فقالوا لموسى {لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى نَرَى الله جَهْرَةً} .
اللغَة:{جَهْرَةً} علانية، وأصل الجهر: الظهور، ومن الجهر بالقراءة والجهر بالمعاصي يعني المظاهرة بها، تقول: رأيت الأمير جهاراً وجهرة أي غير مستتر بشيء، وقال ابن عباس: جهرةً عياناً: {الصاعقة} صيحة العذاب أو هي ار محرقة {بَعَثْنَاكُم} أحييناكم قال الطبري: وأصل البعث: إِثارة الشيء من محله {الغمام} جمع غمامة كسحابة وسحاب وزناً ومعنى، لأنها تغم السماء أي تسترها، وكل مغطّى فهو مغموم، وغُمَّ الهلال: إِذا غطّاه الغيم فلم ير {حِطَّةٌ} : مصدر من حطَّ