للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللغَة: {حِجْرٍ} عقل ولب قال الفراء: العرب تقول إِنه لذو حجر إِذا كان قاهراً لنفسه ضابطاً لها، وأصل الحجر المنع، وسمي العقل حجراً لأنه يمنع عن السفه قال الشاعر:

وكيف يُرجَّى أن يتوب وإِنما ... يُرجَّى من الفتيان من كان ذا حِجْر

{جَابُواْ} قطعوا ومنه قولهم: فلان يجوب البلاد أي يقطعها {التراث} الميراث {لَّمّاً} شديداً وأصله الجمع ومنه قولهم: لمَّ اللهُ شعثه {جَمّاً} كثيراً عظيماً كبيراً قال الشاعر:

إِن تغفر اللَّهمَّ تغفر جماً ... وأيُّ عبدٍ لك ما ألمَّا

التفسِير: {والفجر وَلَيالٍ عَشْرٍ} هذا قسمٌ أي أُقسم بضوء الصبح عند مطادرته ظلمة الليل، وبالليالي العشر المباركات من أول ذي الحجة، لأنها أيام الاشتغال بأعمال الحج قال المفسرون: أقسم تعالى بالفجر لما فيه من خشوع القلب في حضرة الرب، وبالليالي الفاضلة المباركة وهي عشر ذي الحجة، لأنه أفضل أيام السنة، كما ثبت في صحيح البخاري «ما من أيام العمل الصالح أحبُّ إلى الله فيهن من هذه الأيام يعني عشر ذي الحجة قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهادُ في سبيل الله، إِلا رجلاً خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء» {والشفع والوتر} أي وأٌقسم بالزوج والفرد من كل شيء فكأنه تعالى أقسم بكل شيء، لأن الأشياء إِما زوجٌ وإما فردٌ، أو هو قسمٌ بالخلق والخالق، فإِن الله تعالى واحد «وتر» والمخلوقات ذكرٌ وأنثى «شفع» {واليل إِذَا يَسْرِ} أي وأٌقسم بالليل إِذا يمضي بحركة الكون العجيبة، والتقييد بسريانه لما فيه من وضوح الدلالة على كمال القدرة، ووفور النعمة {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ} أي هل فيما ذكر من الأشياء قسمٌ مقنع لذي لب وعقل؟ {والاستفهام تقريريٌ لفخامة شأن الأمور المقسم بها، كأنه يقول: إِن هذا لقسمٌ عظيمٌ عند ذوي العقول والألباب، فمن كان ذا لُب وعقل علم أن ما أقسم الله عَزَّ وَجَلَّ به من هذه الأشياء فيها عجائب، ودلائل تدل على توحيده وربوبيته، فهو حقيق بأن يُقسم له لدلالته على الإِله الخالق العظيم قال القرطبي: قد يُقسم الله بأسمائه وصفاته لعلمه، ويُقسم بأفعاله لقدرته كما قال تعالى {وَمَا خَلَقَ الذكر والأنثى} [الليل: ٣] ويُقسم بمفعولاته لعجائب صنعه كما قال {والشمس وَضُحَاهَا} [الشمس: ١] {والسمآء والطارق} [الطارق: ١] وجواب القسم محذوب تقديره: ورب هذه الأشياء ليعذبنَّ الكفار، ويدعل عليه قوله {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} ؟ أي ألم يبلغك يا محمد ويصل إِلى علمك، ماذا فعل الله بعاد قوم هود؟ {إِرَمَ ذَاتِ العماد} أي عاداً الأولى أهل أرم

<<  <  ج: ص:  >  >>