التفسِير:{إِذَا السمآء انفطرت} أي إِذا المساء انشقت بأمر الله لنزول الملائكة كقوله تعالى {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السمآء بالغمام وَنُزِّلَ الملائكة تَنزِيلاً}[الفرقان: ٢٥]{وَإِذَا الكواكب انتثرت} أي وإِذا النجوم تساقطت وتناثرت، وزالت عن بروجها وأماكنها {وَإِذَا البحار فُجِّرَتْ} أي وإِذا البحار فتح بعضها إِلى بعض، فاختلط عذبها بمالحها، وأصبحت بحراً واحداً {وَإِذَا القبور بُعْثِرَتْ} أي وإِذا القبور قلبت، ونش ما فيها من الموتى، وصار ما في بطنها ظاهراً على جهها {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ} هذا هو الجواب أي علمت عندئذٍ كل نفس ما أسلفت من خير أو شر، وما قدمت من صالح أو طالح قال الطبري: ما قدمت من علم صالح، وما أخرت من شيء سنَّه فعمل به بعده ثم بعد ذكر أحوةال الآخرة وأهوالها، انتقلت الآيات لتذكير الإِنسان الغافل الجاهل بما أمامه من أهوال وشدائد فقال تعالى {ياأيها الإنسان مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكريم} أيْ أيُّ شيءٍ خدعك برك الحليم الكريم، حتى عصيته وتجرأت على مخالفة أمره، مع إِحسانه إِليك وعطفه عليك؟ وهذا توبيخ وعتاب كأنه قال: كيف قابلتَ إِحسان ربك بالعصيان، ورأفته بك بالتمرك والطغيان {هَلْ جَزَآءُ الإحسان إِلاَّ الإحسان}[الرحمن: ٦٠] ؟ ثم عدَّد نعمه عليه فقال {الذي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ} أي الذي أوجدك من العدم، فجعلك سوياً سالم الأعضاء، تسمع وتعقل وتبصر {فَعَدَلَكَ} أي جعلك معتدل القامة منتصباً في أحسن الهيئات والأشكال {في أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ} أي ركبك في أي صورة شاءها واختارها لك من الصور الحسنة العجيبة ولم يجعل في الشكل كالبهيمة كقوله تعالى {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}[التين: ٤] . . ثم وبَّخ المشركين على تكذيبهم بيوم الدين فقال {كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بالدين} أي ارتدعوا يا أهل مكة، ولا تغتروا بحلم الله، بل أنتم تكذبون بيوم الحساب والجزاء {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ} أي والحالُ أن عليكم ملائكة حفظة يضبطون أعمالكم ويراقبون تصرفاتكم قال القرطبي: أي عليكم رقباء من الملائكة {كِرَاماً كَاتِبِينَ} أي كراماً على الله، يكتبون أقوالكم وأعمالكم {يَعْلَمُونَ مَا