المنَاسَبة: لما ذكر تعالى أحوال الفجرة المشركين، وذكر ما يكونون عليه في الآخرة من الذل والهوان، دعا المؤمنين إلى الإِنابة والتوبة قبل فوات الأوان، وختم السورة بذكر عظمة الله وجلاله يوم الحشر الأكبر، حيث يكون العدل الإِلهي والقسطاسُ المستقيم، ويساق السعداء إلى الجنة زمراً، والأشقياء إلى النار زمراً {وَسِيقَ الذين اتقوا رَبَّهُمْ إِلَى الجنة زُمَراً. .} الآية.
اللغَة:{بَغْتَةً} فجأة {مَثْوَى} مكان إقامة يقال: ثوى بالمكان أقام فيه {مَقَالِيدُ} خزائن ومفاتيح {زُمَراً} جماعات جماعات جمع زُمرة وهي الجماعة {خَزَنَتُهَا} حُرَّاسها الموكلون عليها {نَتَبَوَّأُ} تبوأ المكانَ حلَّ ونزل فيه {حَآفِّينَ} محيطين به من أطرافه وجهاته.
التفسِير:{قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ} أخبر يا محمد عبادي المؤمنين الذين أفرطوا في الجناية على أنفسهم بالمعاصي والآثام {لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله} أي لا تيأسوا من مغفرة الله ورحمته {إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً} أي إنه تعالى يعفو عن جميع الذنوب لمن شاء، وإن كانت مثل زبد البحر {إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم} أي عظيم المغفرة واسع الرحمة، وظاهر الآية أنها دعوة للمؤمنين إلى عدم اليأس من رحمة الله لقوله {ياعبادي} وقال ابن كثير: هي دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإِنابة، وإِخبارٌ بأن الله يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب منها ورجع عنها مهما كثرت {وأنيبوا إلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ} أي ارجعوا إلى الله واستسلموا له