المناسبة: لما ذكر تعالى إنكار المشركين للقرآن والرسالة والحشر والنشر، وأعقبها بذكر قصة داود تسلية للنبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ، ذكر هنا بعض البراهين على البعث والنشور، ثم بيَّن الحكمة من نزول القرآن، ثم تابع الحديث عن قصة سليمان بن داود تتميماً وتكميلاً للهدف السامي من ذكر قصص القرآن.
اللغَة:{الألباب} العقول واحدها لبٌّ، ولبٌّ الشيء صفوته وخلاصته ولذلك سُمي العقل لُبّاً {الصافنات} الخيول الواقفة على ثلاثة قوائم وطرف حافر الرابعة جمع صافن قال الفراء: الصافن في كلام العرب الواقف من الخيل أو غيرها قال الشاعر:
تركنا الخيل عاكفةً عليه ... مُقلدة أعنَّتها صُفونا
{الجياد} السِّراع السَّوابق في العدو قال المبرد: الجياد جمع جواد وهو الشديد الجري كما أن الجواد من الناس هو السريع البذل {تَوَارَتْ} اختفت {رُخَآءً} لينة أو منقادة حيث أراد {الأصفاد} سلاسل الحديد والأغلال واحدها صفد وفي الحديث: «صُفدت الشياطين» أي ربطت بالسلاسل قال الشاعر:
{ضِغْثاً} الضغث: حزمة من الحشيش أو غيره مختلطة الرطب باليابس، وأصله: الشيء المختلط ومنه «أضغاث أحلام» للرؤيا المختلطة.
التفسِير:{وَمَا خَلَقْنَا السمآء والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً} أي ما خلقنا هذا الكون البديع بما في من المخلوقات العجيبة عبثاً وسُدى {ذَلِكَ ظَنُّ الذين كَفَرُواْ} أي خلق ما ذكر لا لحكمة هو ظنُّ الكفار الفجار الذين لا يؤمنون بالبعث والنشور {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ النار} أي فويلٌ للكفار من عذاب النار، ثم وبخهم تعالى على هذا الظنِّ السيء فقال {أَمْ نَجْعَلُ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات كالمفسدين فِي الأرض} ؟ أي هل نجعل المؤمنين المصلحين كالكفرة المفسدين؟ {أَمْ نَجْعَلُ المتقين كالفجار} أي أم نجعل الأخيار الأبرار كالأشرار الفجار؟ والغرض: أنه لا يتساوى في حكمته تعالى المحسن مع المسيء، ولا البرُّ مع الفاجر، ففي الآية استدلال على الحشر والجزاء، وفيها أيضاً وعدٌ ووعيد قال ابن كثير: بيَّن تعالى أنه ليس من عدله وحكمته أن يساوي بين المؤمنين والكافرين، وإذا