المنَاسَبَة: لما قدّم تعالى ذكر نعمه على بني إِسرائيل إِجمالاً، بيَّن بعد ذلك أقسام تلك النعم على سبيل التفصيل، ليكون أبلغ في التذكير وأدعى إِلى الشكر، فكأنه قال: اذكروا نعمتي، واذكروا إِذ نجيناكم من آل فرعون، واذكروا إِذ فرقنا بكم البحر. . إِلى آخره وكل هذه النعم تستدعي شكر المنعم جل وعلا لا كفرانه وعصيانه.
اللغة:{آلِ فِرْعَوْنَ} أصل «آل» أهل ولذلك يصغّر بأهيل فأبدلت هاؤه ألفاً، وخُصَّ استعماله بأولي الخطر والشأن كالملوك وأشباههم، فلا يقال آل الإِسكاف والحجام، {فِرْعَوْنَ} علمٌ لمن ملك العمالقة كقيصر لملك الروم وكسرى ملك الفرس، ولعتو الفراعنة اشتقوا تفرعن إذا عتا وتجبر {يَسُومُونَكُمْ} يذيقونكم من سامه إذا أذاقه وأولاه قال الطبري: يوردونكم ويذيقونكم. {وَيَسْتَحْيُونَ} يستبقون الإناث على قيد الحياة {بلاء} اختبار ومحنة، ويستعمل في الخير والشر كما قال تعالى {وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً}[الأنبياء: ٣٥]{فَرَقْنَا} الفرق: الفصل والتمييز ومنه {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ}[الإسراء: ١٠٦] أي فصلناه وميزناه بالبيان {بَارِئِكُمْ} الباري هو الخالق للشيء على غير مثال سابق، والبرية: الخلق.
التفِسير:{وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم} أي اذكروا يا بني إسرائيل نعمتي عليكم حين نجيت آباءكم {مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ} أي من بطش فرعون وأشياعه العتاة، والخطاب للأبناء المعاصرين للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلا أن النعمة على الآباء نعمة على الأبناء {يَسُومُونَكُمْ سواء العذاب} أي يولونكم ويذيقونكم أشد العذاب وأفظعه {يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ} أي يذبحون الذكور من الأولاد {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ} أي يستبقون الإِناث على قيد الحياة للخدمة {وَفِي ذَلِكُمْ بلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ} أي فيما ذكر من العذاب المهين من الذبح والاستحياء، محنة واختبارٌ عظيم لكم من جهته تعالى بتسليطهم عليكم ليتميز البرُّ من الفاجر {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ البحر} أي اذكروا أيضاً إِذ فلقنا لكم البحر حتى ظهرت لكم الأرض اليابسة فمشيتم عليها {