اللغَة:{الأخدود} الشق العظيم المستطيل في الأرض كالخندق، وجمعه أخاديد {قُتِلَ} لُعن أشدَّ اللعن {نَقَمُواْ} عابوا وكرهوا {بَطْشَ} البطش: الأخذ بشدة {يُبْدِىءُ} يخلق ابتداءً بقدرته {المجيد} العظيم الجليل المتعالي.
التفسِير:{والسمآء ذَاتِ البروج} أي وأُقسم بالسماء البديعة ذات المنازل الرفيعة، التي تنزلها الكواكب أثناء سيرها قال المفسرون: سميت هذه المنازل بروجاً لظهروها، وشبهت بالصور لعلوها وارتفاعها لأنها منازل للكواكب السيارة {واليوم الموعود} أي وأُقسم باليوم الموعود وهو يوم القيامة، الذي وعد الله به الخلائق بقوله {الله لا إله إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إلى يَوْمِ القيامة لاَ رَيْبَ فِيهِ}[النساء: ٨٧]{وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} أي وأُقسم بمحمد والأنبياء الذين يشهدون على أممهم يوم القيامة، وبجميع الأمم والخلائق الذين يجتمعون في أرض المحشر للحساب كقوله تعالى {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هؤلاء شَهِيداً}[النساء: ٤١] وقيل: الشاهد هذه الأمة، المشهود سائر الأمم ودليله {لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيداً}[البقرة: ١٤٣]{قُتِلَ أَصْحَابُ الأخدود} هذا هو جواب القسم، والجملة دعائية أي قاتل الله ولعن أصحاب الأخدود، الذين شقوا الأرض طولاً وجعلوها أخاديد، وأضرموا فيها النار ليحرقوا بها المؤمنين قال القرطبي: الأخدودُ الشقُّ العظيم المستطيل في الأرض كالخندق وجمعه أخاديد، ومعنى {قُتِلَ} أي لعن، قال ابن عباس: كل شيءٍ في القرآن {قُتِلَ} لهو لعن. . ثم فصَّل تعالى المراد من الأخدود فقال {النار ذَاتِ الوقود} أي النار العظيمة المتأججة، ذات الحطب واللهب، التي أضرمها الكفار في تلك الأخاديد لإِحراق المؤمنين قال أبو السعود: وهذا وصف لها بغاية العظم، وارتفاع اللهب، وكثرة ما فيها من الحطب، والقصدُ وصف النار بالشدة والهول. . ثم بالغ تعالى في وصف المجرمين فقال {إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ على مَا يَفْعَلُونَ بالمؤمنين شُهُودٌ} أي حين هم جلوس حول النار.