للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللغَة: {قَدَمَ صِدْقٍ} قال الليث: القدم السابقة قال ذو الرمة:

وأنت امرؤٌ من أهل بيت ذُؤَابةٍ ... لهم قدمٌ معروفةٌ ومفاخر

وقال أبو عبيدة: كل سابق في خير أو شر فهو قدم وقال الأخفش: سابقة إخلاص {يُدَبِّرُ} التدبير القضاء والتقدير على حسب الحكمة {القسط} العدل {حَمِيمٍ} الحميم: الماء الحار الذي سخن بالنار حتى انتهى حره {يُفَصِّلُ} التفصيل: التبيين والتوضيح {مَأْوَاهُمُ} مثواهم ومقامهم {طُغْيَانِهِمْ} الطغيان العلو والارتفاع {يَعْمَهُونَ} يتحيَّرون {خَلاَئِفَ} جمع خليفة وهو الذي يخلف غيره في شئونه.

سَبَبُ النّزول: قال ابن عباس: لما بعث الله تعالى محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنكرت الكفار وقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً، أما وجد الله من يرسله إِلا يتيم أبي طالب؟ فأنزل الله {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إلى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ الناس ... } الآية.

التفسِير: {الر} إِشارة إِلى أن هذا الكلام البليغ المعجز، مكوّن من جنس الأحرف التي يتكون منها كلامكم، فمن هذه الحروف وأمثالها تتألف آيات الكتاب الحكيم، وهي في متناول أيديهم ثم يعجزون عن الإِتيان بمثل آية واحدة منه {تِلْكَ آيَاتُ الكتاب الحكيم} أي هذه آيات القرآن المُحكْم المبين الذي لا يدخله شك، ولا يعتريه كذب ولا تناقض {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إلى رَجُلٍ مِّنْهُمْ} أي أكان عجباً لأهل مكة إِيحاؤنا إِلى رجلٍ منهم هو محمد عليه السلام؟ والهمزة للإِنكار أي لا عجب في ذلك فهي عادة الله في الأمم السالفة أوحى إِلى رسلهم ليبلغوهم رسالة الله {أَنْ أَنذِرِ الناس} أي أوحينا إِليه بأن خوِف الكفار عذاب النار {وَبَشِّرِ الذين آمنوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ} أي وأنْ بَشّرٍ المؤمنين بأنَّ لهم سابقةً ومنزلة رفيعة عند ربهم بما قدموا من صالح الأعمال {قَالَ الكافرون إِنَّ هذا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ} أي ومع ضوح صدق الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال المشركون: إٍِنَّ محمداً لساحرٌ ظاهر السحر، مبطلٌ فيما يدَّعيه قال البيضاوي: وفيه اعترافٌ من حيث لا يشعرون بأن ما جاء به خارجٌ عن طوق البشر {إِنَّ رَبَّكُمُ الله الذي خَلَقَ السماوات والأرض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} أي إنَّ ربكم ومالك أمركم الذي ينبغي أن تفردوه بالعبادة هو الذي خلق الكائنات في مقدار سته أيام من أيام الدنيا، ولو شاء لخلقهنَّ في لمحة ولكنه أراد تعليم العباد التأني والتثبت في الأمور {ثُمَّ استوى عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>