للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ألا تسْألانِ المرءَ ماذا يُحاول ... أنحْبٌ فيُقضى أم ضلال وباطل

ويقال: قضى نحبه إِذا مات، وعبَّر به عن الموت لأن كل حي لا بدَّ أن يموت، فكأنه نذر لازم في رقبته فإذا مات فقد قضى نحبه أي نذره. {صَيَاصِيهِمْ} حصونهم جمع صيصية وهو ما يُتحصن به، قال الشاعر:

فأصبحت الثيرانُ صَرْعى وأصبحت ... نساءُ تميم يبْتدرنَ الصَّياصيا

{أُمَتِّعْكُنَّ} متعة الطلاق، وأصل المتاع ما يُتبلَّغ به من الزاد، ومنه متعة المطلقة لأنها تنتفع وتتمتع به. {وَأُسَرِّحْكُنَّ} أطلقكنَّ، وأصل التسريح في اللغة: الإِرسال والإِطلاق. {تَبَرَّجْنَ} تبرجت المرأة: أظهرت زينتها ومحاسنها للأجانب، وأصله من الظهور ومنه سمي البرج لسعته وظهوره. {وَقَرْنَ} الزمن بيوتكن من قولهم: قررتُ بالمكان أقرُّ به إذا بقيت فيه ولزمته، والقرار: مصدر، وأصل «قرن» قررن حذفت الراء وألقيت فتحتها على ما قبلها، واستغني عن ألف الوصل لتحرك القاف. {الرجس} في اللغة: القذر والنجاسة، وعُبّر به هنا عن الآثام لأن عرض المقترف للقبائح يتلوث بها ويتندس، ما يتلوث بدنه بالنجاسات.

سَبَبُ النّزول: أأخرج ابن جرير الطبري عن أنس بن مالك قال: عاب عمي «أنس بن النضر» عن قتال يوم بدر، فقال: غبتُ عن أول قتالٍ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؟ لئن أشهدني الله قتالاً ليرينَّ الله ما أصنع؟ فلما كان يوم أُحُد انكشف المسلمون انهزموا فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما فعل هؤلاء يعني المشركين وأعتذر إليك ممَّا صنع هؤلاء يعني المسلمين ثم مشى بسيفه فلقيه «سعد بن معاذ» فقال: أي سعد والله إني لأجد ريح الجنة دون أُحد! ثم قاتل حتى قتل، فقال سعد يار سول الله: ما استطعت أن أصنع ما صنع، قال أنس بن مالك: فوجدناه بين القتلى وبه بضع وثمانون جراحة بين ضربةٍ بسيق، أو طعنةٍ برمح، أو رمية بسهم، فما عرفناه حتى جاء أخته فعرفته ببنانه رؤوس الأصابع قال أنس: فكنا نتحدث أن هذه الآية {مِّنَ المؤمنين رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ الله عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ.

.} نزلت فيه وفي أصحابه.

ب وروي الإِمام أحمد عن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: «أقبل أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه يستأذن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والناسُ ببابه جلوس فلم يُؤذن له، ثم أقبل عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فاستأذن فلم يُؤذن له، ثم أُذن لأبي بكرٍ وعمر فدخلا والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جالسٌ وحوله نساؤه وهو ساكت، فقال عمر: لأكلمنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لعله يضحك {فقال يا رسول الله: لو رأيت انبة زيد امرأة عمر سألتني النفقة آنفاً فوجأت عنقها، فضحك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حتى بدتْ نواجذه، وقال:» هُنَّ حَوْلِي يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ «} فقام أبو بكر إلى عائشة ليضربها، وقام عمر إلى حفصه كلاهما يقولان: تسألانِ رسول الله ما ليس عنده؟ فنهاهما

<<  <  ج: ص:  >  >>