للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا آل داود ربكم على هذه النعم الجليلة، فقد خصكم بالفضل العظيم والجاه العريض، واعملوا بطاعة الله شكراً له جل وعلا {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشكور} أي وقليل من العباد من يشكر الله على نعمه، قال ابن عطية: وفيه تنبيه وتحريض على شكر الله، ثم أخبر تعالى عن كيفية موت سليمان فقال: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الموت} أي حكمنا على سليمان بالموت ونزل به الموت {مَا دَلَّهُمْ على مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ} أي ما دلَّ الجن على موته إلا تلك الحشرة وهي الأَرَضة السوسة التي تأكل الخشب تأكل عصا سليمان {فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجن أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الغيب} أي فلما سقط سليمان عن عصاه ظهر للجن واتضح لهم أنهم لو كانوا يعرفون الغيب كما زعموا {مَا لَبِثُواْ فِي العذاب المهين} أي ما مكثوا في الأعمال الشاقة تلك المدة الطويلة، قال المفسرون: كانت الإنس تقول: إن الجن يعلمون الغيب الذي يكون في المستقبل، فوقف سليمان في محرابه يصلى متوكئاً على عصاه، فمات ومكث على ذلك سنةً والجنّ تعمل تلك الأعمال الشاقة ولا تعلم بموته، حتى أكلت الأَرَضةُ عصا سليمان فسقط على الأرض فعلموا موته، وعلم الإنس أن الجنَّ لا تعلم الغيب لأنهم لو علموه لما أقاموا هذه المدة الطويلة في الأعمال الشاقة وهم يظنون أنه حي وهو عليه السلام ميت.

البَلاَغَة: تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان نوجزها فيما يلي:

١ - تعريف الطرفين لإفادة الحصر {الحمد للَّهِ} ومعناه لا يستحق الحمد الكامل إلا الله.

٢ - الطباق بين {يَلِجُ. . و. . يَخْرُجُ} وبين {يَنزِلُ. . و. . يَعْرُجُ} وبين {أَصْغَرُ. . و. . أَكْبَرُ} .

٣ - صيغة فعيل وفعول للمبالغة {وَهُوَ الحكيم الخبير} {وَهُوَ الرحيم الغفور} {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشكور} .

٤ - المقابلة بين {لِّيَجْزِيَ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات. .} الآية وبين {والذين سَعَوْا في آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} فقد جعل المغفرة والرزق الكريم جزاء المحسنين، وجعل العذاب والرجز الأليم جزاء المجرمين.

٥ - الاستفهام للسخرية والاستهزاء {هَلْ نَدُلُّكُمْ على رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ} وغرضهم الاستهزاء بالرسول ولم يذكروا اسمه إمعاناً في التجهيل كأنه إنسان مجهول.

٦ - التنكير للتفخيم {آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً} أي فضلاً عظيماً، وتقديم داود على المفعول الصريح للاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر.

٧ - الإِيجاز بالحذف {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} أي غدوها مسيرة شهر ورواحها مسيرة شهر.

٨ - التشبيه {وَجِفَانٍ كالجواب} ويسمى التشبيه المرسل المجمل لذكر أداة التشبيه وحذف وجه الشبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>